للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب]

{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ....}.

وقع سياق الآيات كلها في رواية كريمة، والمراد منها هنا قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ولذلك عطف عليها في الترجمة، وما يأكل من البدن وما يتصدق، أي: بيان المراد من الآية، وقد وقع في رواية كريمة بعد قوله: {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} وقبل قوله: وما يأكل من البدن وما يتصدق لفظ باب، وسقط من رواية أبي ذر وهو الصواب.

وقوله: {وَإِذْ بَوَّأْنَا} اذكر إذ جعلنا لإبراهيم مكان البيت مباءَة ومرجعًا يرجع إليه للعبادة والعمارة، يقال: بوأ الرجل منزلًا أعده وبوأه غيره منزلًا أعطاه، وأصله باء إذا رجع، واللام في لإبراهيم مقحمة لقوله: {بؤانا بني إسرائيل} وقوله: {تبوىء المؤمنين}.

وقوله: "مكان البيت" أي: موضع الكعبة. قيل: المكان جوهر يمكن أن يثبت عليه غيره كما أن الزمان عرض يمكن أن يحدث فيه غيره، فإن قيل: كيف يكون النهي عن الإشراك والأمر بالتطهير تفسيرًا للتبوئة، أجيب: بأنه كانت التبوئة مقصودة من أجل العبادة، فكأنه قيل: وإذ تعبدنا إبراهيم قلنا له: لا تشرك بي شيئًا وطهر بيتي من الأصنام والأوثان.

وقوله: {وَالْقَائِمِينَ} أي: المصلين لأن الصلاة قيام وركوع وسجود، والركع جمع راكع، والسجود جمع ساجد، لم يذكر الواو بين الركع والسجود، وذكره بين القائمين والركع، لكمال الاتصال بين الركع والسجد إذ لا ينفك أحدهما عن الآخر فرضًا أو نفلًا، وينفك القيام من الركوع فلا يكون بينهما كمال الاتصال.

وقوله: {وَأَذِّنْ} أي: ناب عطف على قوله: "وطهر"، والنداء بالحج أن يقول: حجوا، أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج، وقال إبراهيم عليه السلام: يا رب وما يبلغ صوتي؛ قال: أذِّن، وعليّ البلاغ، وعن الحسن أن قوله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} كلام مستأنف، وأن المأمور بهذا التأذين محمد -صلى الله عليه وسلم- أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع.

<<  <  ج: ص:  >  >>