سلطان الإِسلام الملك المؤيد، وأرجو من الله تعالى أن يسهل له ذلك.
ثم حججت سنة أربع وعشرين وتأملت المكان الذي قيل عنه، فلم أجده في تلك البشاعة، وقد رمّم ما تشعث من الحرم في أثناء سنة خمس وعشرين إلى أن نقض سقفها في سنة سبع وعشرين على يد بعض الجند، فجدد أسقفها ورخم السطح، فلما كان في سنة ثلاث وأربعين، صار المطر إذا ينزل إلى داخل الكعبة أشد مما كان أولًا، فأداه رأيه الفاسد إلى نقض السقف مرة أخرى، وسد ما كان في السطح من الطاقات التي كان يدخل منها الضوء إلى الكعبة، ولزم من ذلك امتهان الكعبة، بل صار العمال يصعدون فيها بغير أدب، فغار بعض المجاورين فكتب إلى القاهرة يشكو ذلك، فبلغ السلطان الظاهر، فأنكر أن يكون أمر بذلك، وجهز بعض الجند لكشف ذلك، فتعصب للأول بعض من جاور، واجتمع الباقون رغبة ورهبة، فكتبوا محضرًا بأنه ما فعل شيئاً إلا عن ملأ منهم، وأن كل ما فعله مصلحة، فسكن غضب السلطان، وغطى عنه الأمر، وقد جاء عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي بالتحتانية قبل الألف، وبعدها شين معجمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ,قال:"إن هذه الأمة لا تزال بخير ما عظموا هذه الحرمة -يعني الكعبة- حق تعظيممها، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا" أخرجه أحمد، وابن ماجه، وعمر بن شبة في "كتاب مكة"، وسنده حسن، فنسأل الله الكريم الحنّان المنّان أن يمنّ علينا بالنجاة من الفتن في ديننا ودُنيانا، وأن يفرّج عنا ما نحن فيه من الكرب وتشتيت الشمل والغربة عن الحبيب عليه الصلاة والسلام والأهل والعيال، ومما يتعجب منه أنه لم يقفق الاحتياج إلى الإصلاح في الكعبة إلا فيما صنعه الحجاج، إما من الجدار الذي بناه في الجهة الشامية، وإما في السلم الذي جدده للسطح والعتبة، وما عدا ذلك مما وقع فإنما هو لزيادة محضة كالرخام، أو التحسين كالباب والميزاب، وكذلك ما حكاه الفاكهاني عن عبد الله بن بكر السهمي، عن أبيه، قال: جاورت بمكة، فعابت اسطوانة من أساطين البيت فأخرجت وجيء بأُخرى ليدخلوها مكانها فطالت عن الموضع، وأدركهم الليل والكعبة لا تفتح ليلًا، فتركوها ليعودوا من غد ليصلحوها فجاؤوا من غد فأصابوها أقوم من قِدح بكسر القاف السهم، وهذا إسناد قوي رجاله ثقات، وبكر هو ابن حبيب من كبار أتباع التابعين، وكأن القصة كانت في أوائل دولة بني العباس وكانت الاسطوانة من خشب.
[رجاله ستة]
وفيه ذكر ابن الزبير، وقد مرّوا إلا ابن رومان، مرَّ بيان ابن عمرو في الثامن والأربعين من التهجد، ومرَّ يزيد بن هارون في الخامس عشر من الوضوء, ومرَّ جرير بن حازم في