ومنها أنه وقع هنا للبخاري رباعي الإسناد، ووقع له من غير جهة أبي نُعيم خماسيًّا، ووقع لمسلم في أعلى طرقه خماسيًّا.
وفيه التصريح بسماع النعمان من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ففيه رد على من زعم أن النعمان لم يسمع منه عليه الصلاة والسلام.
وأما كون زكرياء من أهل التدليس، وقد عنعن هنا، فالجواب عنه هو أن في "فوائد" أبي الهيثم تصريحه بالسماع من الشعبي، فيحصُل الأمن من تدليسه، مع أنه قد مر كثيرًا أن ما في "الصحيحين" من رواية المدلسين محمول على اتصال السماع.
وهذا الحديث أخرجه البخاري هنا، وأخرجه في البيوع عن علي بن عبد الله وغيره، ومسلم في البيوع عن محمد بن عبد الله بن نُمير وغيره، وأبو داود في البيوع عن إبراهيم بن موسى، والترمذي فيها أيضًا عن هَنّاد، وقال: حسن صحيح، والنسائي فيها أيضًا عن محمَّد بن عبد الأعلى، وفي الأشربة عن حُميد بن مَسْعَدة، وابن ماجه في الفتن عن عمرو بن رافع.
ثم قال المصنف:
باب أداء الخمس من الإِيمان
باب: خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا باب، وهو مضاف إلى ما بعده، ويمكن تنوينه وقطعه عن الإضافة.
والخُمُسُ بضم الخاء المعجمة، وهو المراد بقوله تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} وقيل: إنه روي هنا بفتح الخاء، والمراد قواعد الإِسلام الخمس المذكورة في حديث "بني الإِسلام على خمس"، وفيه بعد؛ لأن الحج لم يُذكر هنا، ولأن غيره من القواعد قد تقدم، ولم يذكر هنا إلا خمس الغنيمة، فأفرده بالذكر.
وقوله:"من الإيمان" أي: من شعبه، ووجه كونه من الإيمان هو أنهم