قوله:"للمحرم والمحرمة" أي: إنه ما في ذلك سواء، ولم تختلف العلماء في ذلك، وإنما اختلفوا في أشياء هل قصد طيبًا أم لا، والحكمة في منع المحرم من الطيب أنه من دواعي الجماع، ومقدماته التي تفسد الإحرام، وبأنه ينافي حال المحرم، فإن المحرم أشعث أغبر، فعند البزار، عن ابن عمر: الحاج الشعث التَفِل -بفتح المثناة الفوقية وكسر الفاء- الذي ترك استعمال الطيب.
ثم قال: وقالت عائشة رضي الله عنها: لا تلبس المحرمة ثوبًا بورس أو زعفران، الورس -بفتح الواو وسكون الراء، ثم سين مهملة- نبت أصفر تصبغ به الثياب، وجزم ابن العربي وغيره بأن الورس نبات باليمن، وقال ابن البيطار: الورس يؤتى به من اليمن والهند والصين، وليس بنبات بل يشبه زهر العصفر، ونبته يشبه البنفسج، ويقال: إن الكركم عروقه، ومطابقة الأثر للترجمة من حيث أن المصبوغ بهما تفوح له رائحة كالطيب، وهذا الأثر قد وصله البيهقي عن معاذة، عن عائشة قالت المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت، إلاَّ ثوبًا مسَّه وَرس أو زعفران، ولا تبرقع، ولا تلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت، وقد مرت عائشة في الثاني من بدء الوحي.
وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم أصل حديث الباب، عن ابن إسحاق حدثني نافع، عن ابن عمر بلفظ: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب.
وهذا من أثر عائشة المتقدم قريبًا، وهذا الحديث قد مرَّ بعينه آخر حديث من كتاب