ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فمُطرنا فقال:"ليصل من شاء منكم في رحله". وقوله: في الليلة الباردة أو المطيرة. قال الكرمانيّ: فعيلة بمعنى فاعلة، وإسناد المطر إليها مجاز، ولا يقال: إنها بمعنى مفعولة، أي ممطورة فيها، لوجود الهاء في قوله "مطيرة" ولا يصح ممطورة فيها. وقوله: أو، للتنويع لا للشك، وفي رواية أبي عَوانة "ليلة باردة أو ذات صر أو ذات ريح" ودل ذلك على أن كلًا من الثلاثة عذر في التأخر عن الجماعة. ونقل ابن بطال فيه الإجماع، لكن المعروف عند المالكية والشافعية أن الريح عذر في الليل فقط، وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل، لكن في السنن عن نافع في الحديث "في الليلة المطيرة، والغداة القرة". وفيها بإسناد صحيح عن أبي المُلَيْح عن أبيه "أنهم مُطروا يومًا، فرخص لهم".
قال "في الفتح" لم أر في شيء من الأحاديث، الترخص بعذر الريح نهارًا صريحًا، لكن القياس يقتضي إلحاقه، وقد نقله ابن الرّفْعَة وجهًا. قلت: مذهب المالكية أن البرد والحر الشديدين يُبيحان التخلف عن الجُمُعة والجماعة، وقوله: في السفر، ظاهر اختصاص ذلك بالسفر، ورواية مالك عن نافع الآتية في أبواب صلاة الجماعة مطلقة، وبها أخذ الجمهور، ولكن قاعدة حمل المطلق على المقيد تقتضي أن يختص ذلك بالمسافر مطلقًا، ويلحق به من تلحقه بذلك مشقة في الحضر، دون من لا تلحقه.
[رجاله خمسة]
الأول: مُسَدَّد.
والثاني: يحيى القطّان، وقد مرا في السادس من الإيمان، ومرَّ عُبَيد الله بن عمر في الرابع عشر من الوضوء ومرَّ نافع في الثالث والسبعين من العلم، ومرَّ ابن عمر أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.