للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من أين يخرج من مكة؟]

[الحديث الحادي والستون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِى بِالْبَطْحَاءِ، وَخرج مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى.

قوله: "من كَداء" بفتح الكاف والمد، قال أبو عبيد: لا يصرف، وهذه الثنية هي التي ينزل منها إلى المعلاة مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها الحَجُون بفتح المهملة وضم الجيم، وكانت صعبة المرتقى، فسهلها معاوية، ثم عبد الملك، ثم المهدي على ما ذكره الأزرقي، ثم سهل موضع منها سنة إحدى عشرة وثمانمائة، ثم سهلت كلها في زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدود العشرين وثمانمائة، وكل عقبة في جبل أو طريق عال، فيه تسمى ثنية.

وقوله: "الثنية السفلى" ذكر في ثالث أحاديث الباب، وخرج من كُدى، وهو بضم الكاف، مقصور، وهي عند باب شبيكة بقرب شعب الشاميين من ناحية قعيقعان، وكان بناء هذا الباب عليها في القرن السابع، قال عياض والقرطبي وغيرهما: اختلف في ضبط كداء وكدى، فالأكثر على أن العليا بالفتح والمد، والسفلى بالضم والقصر، وقيل بالعكس، قال النووي: هو غلط.

واختلف في المعنى الذي لأجله خالف -صلى الله عليه وسلم- بين طريقيه، فقيل: ليتبرك به كل من في طريقه، فذكر شيئًا مما قيل في العيد، وقد استوفيت ما قيل فيه هناك، وبعضه لا يتأتى اعتباره هنا، وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان وعكسه الإشارة إلى فراقه، وقيل: الحكمة في ذلك هو أنه دخل من طريق الفتح تفاؤلًا بحصول الفتح والبركة، وخرج من المضمومة تفاؤلًا بضم ما حصل له من الخير معه، وقيل: لأن إبراهيم لما دخل مكة، دخل منها، وقيل: لأنه -صلى الله عليه وسلم- خرج منها مختفيًا في الهجرة، فأراد

<<  <  ج: ص:  >  >>