نفسه، فأصابه الجوع، وفي توجهه إلى الخضر لحاجة نفسه، أيضًا، فتعب وجاع.
قلت: كون توجهه إلى الخضر كان في حاجة نفسه غير ظاهر؛ لأنه كان متوجهًا في طلب العلم ولا توجه إلى الله أعظم من ذلك.
وفيه أيضًا جواز طلب القوت وطلب الضيافة، وفيه قيام العذر بالمرة الواحدة، وقيام الحجة بالثانية. قال ابن عطية: يشبه أن يكون هذا أصل مالك في ضرب الآجال في الأحكام إلى ثلاثة أيام، وفي التَّلَّوم، ونحو ذلك. قلت: نصت علماء المالكية على أن الأصل في ذلك قوله تعالى {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ}[هود: ٦٥] جاعلين الجامع بينهما كون الحكم عذابًا للمحكوم عليه.
وفيه حسن الأدب مع الله، وأن لا يضاف إليه ما يستَهْجن لفظه، وإن كان الكل بتقديره وخلقه، لقول الخضر عن السفينة "فأردتُ أن أعيبَها" وعن الجدار"فأراد ربُّكَ"، ومثل هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "والخير بيديك والشر ليس إليك".
وما ذكر من الفوائد مستفاد من جميع طرق الحديث، لا من هذه الطريق بالخصوص لأنها مختصرة جدًا.
[رجاله تسعة]
الأول: محمد بن غُرَيْر، بالغين المُعجمة وراء مهملة مصغر، ابن الوليد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو عبد الله القرشي الزُّهريّ، المدني، نزيل سَمَرْقند، يعرف بالفُريْزيّ. روى عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ومُطْرف بن عبد الله المَدنيّ وأبي نُعيم. وروى عنه البخاري وأبو جعفر محمد ابن أحمد بن نصر التِّرمذيّ، وعبد الله بن شبيب. ذكره ابن حِبان في "الثقات".وفي "الزهرة" روى عنه البخاري خمسة أحاديث. وذكر السَّمعاني أن اسم غُرير هذا عبد الرحمن، لقب بغُرَير، وليس في الستة محمد بن غرير سواه، وأما محمد فكثير جدًا.