أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَدْ أُحْصِرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَجَامَعَ نِسَاءَهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ، حَتَّى اعْتَمَرَ عَامًا قَابِلاً.
قوله:"حدَّثنا محمد" جاء في جميع الروايات غير منسوب ويأتي ما قيل فيه في السند.
وقوله:"قال: فقال ابن عباس" هكذا في جميع النسخ، وهو يقتضي سبق كلام يعقبه قوله: فقال ابن عباس، ولم ينبه عليه أحد من شراح هذا الكتاب، قال في الفتح: وقفت عليه في كتاب الصحابة لابن السكن بسنده عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت عكرمة، فقال: قال عبد الله بن رافع مولى أم سلمة: أنها سألت الحجاج بن عمرو الأنصاري عمن حبس وهو محرم، فقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عرج أو كسر أو حبس فليجزىء مثلها، وهو في حل"، قال: فحدثت به أبا هريرة فقال: صدق، وحدثته ابن عباس فقال: قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلق ونحر هديه، وجامع نساءه حتى اعتمر عاما قابلًا، فعرف بهذا السياق القدر الذي حذفه البخاري من هذا الحديث، والسبب في حذفه أن الزائد ليس على شرطه، لأنه قد اختلف في حديث الحجاج بن عمرو على يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، مع كون عبد الله بن رافع ليس من شرط البخاري، فأخرجه أصحاب السنن، وابن خزيمة، والدارقطني والحاكم من طرق، عن الحجاج الصواف، عن يحيى، عن عكرمة، عن الحجاج به وقال في آخره: قال عكرمة: فسألت أبا هريرة، وابن عباس فقالا: صدق، وفي رواية يحيى القطان وغيره في سياقه: سمعت الحجاج، وأخرجه أبو داود والترمذي عن معمر، عن يحيى، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج، قال الترمذي: تابع على زيادة عبد الله بن رافع معاويةِ بنُ سلام، وسمعت محمدًا البخاري يقول: رواية معمر ومعاوية أصح، فاقتصر البخاري على ما هو من شرطه، مع أن الذي حذفه ليس بعيدًا من الصحة، فإن كان عكرمة سمعه من الحجاج بن عمرو فذاك، وإلاَّ فالواسطة بينهما -وهو عبد الله بن رافع- ثقة، وإن كان البخاري لم يخرج له.
وهذا الحديث قد مرَّ أنه احتج به من عمم الإحصار بالعدو والمرض، إلى آخر ما مرَّ.
[رجاله ستة]
مرَّ منهم: يحيى بن صالح في الثالث عشر من كتاب الصلاة، ومرَّ معاوية بن سلام في السادس من الكسوف، ومرَّ يحيى بن أبي كثير في الثالث والخمسين من العلم، ومرَّ عكرمة في السابع عشر منه، ومرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي، ومحمد شيخ البخاري جاء غير منسوب، واختلف فيه فقيل: إنه محمد بن يحيى الذهلي، وقد مرَّ في العشرين من العيدين، وقيل: هو محمد بن مسلم، وقيل: محمد بن إدريس، وقيل: محمد بن إسحاق الصغاني، وهاأنا أذكر تعريف الثلاثة على أنهم معنى واحد منهم.