فالجمهور على أنه واجب يجبر تركه بدم، وعند المالكية سنة مؤكدة، فيجبر، وعندهم رواية أن رمي جمرة العقبة ركن يبطل الحج بتركه، ومقابله قول بعضهم: إنها إنما تشرع حفظًا للتكبير، فإن تركه وكبر أجزأه حكاه ابن جرير عن عائشة، وغيرها ثم قال: وقال جابر: رمي النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال، وصله مسلم وابن خزيمة وابن حبان عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، عن جابر قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رمى الجمرة ضحى يوم النحر وحده، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس، ورواه الدارمي عن ابن جريج، بلفظ التعليق لكن قال: وبعد ذلك عند زوال الشمس، ورواه إسحاق بن راهويه في "مسنده".
قوله:"متى أرمي الجمار؟ " يعني في غير يوم الأضحى، وقوله: فارمه، بهاء ساكنة للسكت، وقوله:"إذا رمى إمامك فارمه" يعني الأمير الذي على الحاج، وكان ابن عمر خاف عليه أن يخالف الأمير فيحصل عليه ضرر، فلما أعاد عليه المسألة لم يسعه الكتمان فأعمله بما كانوا يفعلونه في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد رواه ابن عيينة عن مسعر بهذا الإسناد فقال: فيه فقلت له: أرأيت إن أخر إمامي الرمي فذكر له الحديث. أخرجه ابن أبي عمر في "مسنده" عنه، ومن طريقه الإسماعيلي، وفيه دليل على أن السنة رمي الجمار في غير يوم الأضحى بعد الزوال، وبه قال الجمهور، وخالف فيه عطاء وطاووس فقالا: يجوز قبل الزوال مطلقًا، ورخص الحنفية في الرمي في يوم النفر قبل الزوال. وقال إسحاق: إن رمى قبل الزوال أعاد إلا في الثالث فيجزئه.