قوله:"أيّ يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام" كذا في حديث ابن عباس هذا، وفي حديث أبي بكرة ثالث أحاديث الباب: أتدرون أيّ يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسم، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى. وحديث ابن عمر المذكور بعده نحوه، إلا أنه ليس فيه "فسكت" إلخ، بل فيه بعد قولهم: الله ورسوله أعلم، قال:"هذا يوم حرام" فقيل في الجمع بين الحديثين: لعلهما واقعتان، وليس بشيء لأن الخطبة يوم النحر إنما تشرع مرة واحدة، وقد قال في كل منهما: إن ذلك كان يوم النحر، وقيل في الجمع بينهما: إن بعضهم بادر بالجواب، وبعضهم سكت، وقيل في الجمع: إنهم فوضوا أولًا كلهم بقولهم: الله ورسوله أعلم، فلما سكت أجاب بعضهم دون بعض، وقيل: وقع السؤال في الوقت الواحد مرتين بلفظين، فلما كان في حديث أبي بكرة فخامة ليست في الأول لقوله فيه:"أتدرون؟ " سكتوا عن الجواب، بخلاف حديث ابن عباس لخلوه عن ذلك، قاله الكرماني، وقيل: في حديث ابن عباس اختصار بينته رواية أبي بكرة. وابن عمر فكأنه أطلق قولهم: يوم حرام، باعتبار أنهم قرروا ذلك قولهم: بلى: وسكت في رواية ابن عمر عن ذكر جوابهم، وهذا جمع حسن، وقد مرَّ الكلام على هذا في باب: رب مبلغ أوعى من سامع، من كتاب العلم.
وقوله:"يوم حرام" أي: يحرم فيه القتال، وكذلك الشهر، والبلد.
وقوله:"فأعادها مرارًا" قال في الفتح: لم أقف على عددها صريحًا، ويشبه أن يكون ثلاثًا كعادته عليه الصلاة والسلام.
وقوله:"ثم رفع رأسه" زاد الإِسماعيلي من هذا الوجه: إلى السماء.
وقوله:"فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته" يريد بذلك الكلام الأخير، وهو قوله عليه الصلاة