نأكل ونطعم العيال، وإن بقي شيء فأنت أحق به من الكلب. قال الأعرابيّ: ما رأيت قط ألأم منك. قال أبو الأسود: قد رأيتك ولكنك قد نسيت.
ومنها أنه كان جالسًا في دِهْليز، فجازَ به رجل من الأعراب، يقال له ابن أبي الحَمامة، فسلم، ثم ذكر باقي الخبر مثل ما تقدمه، وزاد فيه: فقال: أنا ابن أبي الحمامة، قال: كن ابن أبي الطاووسة، وانصرف، قال: أسألك بالله إلاَّ أطعمتني مما تأكل، فألقى إليه أبو الأسود ثلاث رُطَبات، فوقعت إحداها في التراب، فأخذها يمسحها بثوبه، فقال له أبو الأسود: دعها فإن الذي تمسحها منه أنظف من الذي تمسحها به، فقال: إنما كرهت أن أدعها للشيطان، فقال: لا والله ولا لجبريل وميكائيل تدعها.
ومنها أن أبا الأسود كان له دكّان على باب داره يجلس عليه، مرتفع عن الأرض إلى قدر صدر الرجل، فكان يوضع بين يديه خُوَان على قدر الدكان، فإذا مرَّ به مارّ فدعاه للأكل لم يجد موضعًا يجلس فيه، فمر به ذات يوم فتى، فدعاه للغداء فأقبل، فتناول الخوان فوضعه أسفل، ثم قال له: يا أبا الأسود، إن عزمت على الغداء فانزلْ، وجعل يأكل وأبو الأسود ينظر إليه مغتاظًا، حتى أتى على الطعام، فقال له أبو الأسود: ما اسمك؟ قال: لقمان الحكيم، قال: لقد أصاب أهلك حقيقة اسمك. واخباره كثيرة جدًا مؤلف فيها.
والدؤلي في نسبه نسبة إلى جده دُئِل بن بكر، وهو بضم الدال وكسر الهمزة، والنسبة إليه بضمها وفتح الهمزة، وفيه غير هذا من الضبط.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورجاله كلهم بصريون، وفيه رواية تابعي عن تابعي، أخرجه البخاريّ أيضًا في الشهادات، والترمذيّ في الجنائز، وكذا النَّسائي. ثم قال المصنف: