ووقع مثله لقتادة بن النعمان فيما ذكره ابن عساكر وغيره، أنه خرج من عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وبيده عُرجون فأضاء العرجون. وفي دلائل البيهقيّ أن أبا عَبس كان يصلي مع النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم الصلوات، ثم يرجع إلى بني حارثة، فخرج في ليلة مظلمة مطيرة، فنورت عصاه حتى دخل دار بني حارثة. وروي عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فنفرنا في ليلة مظلمة، فأضاءت أصابعي حتى جمعوا ظهرهم وما هلك منهم، وإن أصابعي لتنير. وفي لفظ "نفرت دوابُّنا ونحن في مشقّة ... " الحديث.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر رجلين مبهمين.
الأول: محمد بن المثنى، وقد مرَّ في التاسع من كتاب الإيمان, ومرَّ هشام الدّستوائي في السابع والثلاثين منه، ومرَّ قتادة وأنس في السادس منه، ومرَّ معاذ بن هشام في الثامن والستين من كتاب العلم، والرجلان المذكوران أحدهما عباد بن بشر قطعًا، والثاني، الصحيح أنه أُسَيد بن حضير، وقيل: عُوَيمْ بن الساعدة، ولنذكر تعريف الثلاثة هنا تتميما للفائدة.
الأول: عباد بن بشر بن وقْش بن زغبة بن زَعُوراء بن عبد الأشهل الأنصاريّ الأشهلىّ، أبو بِشر، وقيل: أبو الربيع، أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير قبل إسلام سعد بن معاذ، وأسيد بن حُضير شهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها، وكان من فضلاء الصحابة. رُوي عن أنس بن مالك أن عصاه كانت تضيء له إذ كان يخرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم، إلى بيته ليلًا، وعرض له ذلك مرة مع أُسيد بن حُضير، فلما افترقا أضاءت لكل واحد منهما عصاه. وروى أنسٌ أيضًا قال: كان عبّاد بن بشر، ورجل آخر من. الأنصار، عند النبي صلى الله عليه وسلم يتحدثان في ليلة ظلماء، حِنْدس، فخرجا من عنده، فأضاءت عصا عباد بن بشر حتى انتهى عباد، وذهب، فأضاءت عصا الآخر.