والإقبال على الله تعالى، بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة. قال ابن الجوزيّ: إنما أحب الدائم لمعنيين، أحدهما: أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل، فهو متعرض للذم، ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية ثم نسيها، وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه. ثانيهما: أن مداوم الخير ملازم للخدمة، وليس من لازم الباب كل يوم ووقت، كمن لازم يومًا كاملًا ثم انقطع، وهذا الحديث فيه من مزيد شفقته عليه الصلاة والسلام ورأفته بأمته، حيث أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدوام عليه من غير مشقة، جزاه الله عنا ما هو أهله، والتعبير بأحب هنا يقتضي أن ما لم يداوم عليه صاحبه من الدين محبوبٌ، ولا يكون هذا إلا في العمل ضرورة لأن ترك الإيمان كفر، وفي الحديث الدلالة على استعمال المجاز، وفضيلة المداومة على العمل.
[رجاله خمسة]
الأول محمد بن المثنى وقد مر في التاسع من كتاب الإيمان هذا.
والثاني يحيى بن سعيد القطان، وقد مر في السادس منه أيضًا، ومر هشام بن عروة، وأبوه عروة، وعائشة أم المؤمنين في الثاني من بدء الوحي.
وفي الحديث قلت فلانة ولم يسمها البخاري، وسماها مالك في "الموطأ"، ومسلم، وهي الحولاء بنت تُوَيْت بن حبيب بن أسد بن عبد العُزّى، وتُوَيْت -بضم التاء- مصغر، وكانت امرأة صالحة عابدة مهاجرة، وهي من وهي أمنا خديجة رضي الله عنها.
وهذا الحديث أخرجه مالك في "الموطأ"، ومسلم، والنسائي في الإيمان عن شعيب بن يوسف.
باب زيادة الإِيمان ونقصانه، وقول الله تعالى:{وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فإذا ترك شيئًا من الكمال فهو ناقص.