أي هل تجب إجابتها أَمْ لا؟ وإذا وجبت هل تبطل أم لا؟ في المسألتين خلاف، ولذلك حذف المصنف جواب الشرط، فالأصح عند الشافعية أن الصلاة إن كانت نفلًا، وعُلِم تأذّي الوالد بالترك، وجبت الإجابة، وإلا فلا. وإن كانت فرضًا وضاق الوقت لم تجب الإعادة، وإن لم يضق وجب عند إمام الحرمين، وخالفه غيره، لأنها تلزم بالشروع، وإذا أجابها بطلت. وحكى الرَّويانيّ عدم البطلان بالإجابة، وحكى الرويانيّ وجهًا في مذهب الشافعيّ بجواز قطع الصلاة لنداء الأم، فرضًا كانت أو نفلًا، وعند المالكية أن إجابة الوالد في النافلة أفضل من التمادي فيها إذا يمكنه التخفيف. وحكى القاضي أبو الوليد أن ذلك يختص بالأم دون الأب.
وعند ابن أبي شيبة من مرسل محمد بن المنكدر عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"إذا دعتك أمك في الصلاة فأجبها، وإن دعاك أبوك فلا تجبه" وبه قال مكحول، وقيل إنه لم يقل به من السلف غيره، وقال العينيّ: لا يجوز للمصلي إذا دعت أمه أو غيرها أن يقطع صلاته، لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق"، وحق الله تعالى الذي شرع فيه آكد من حق الأبوين حتى يفرغ منه، وأما النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلو دعا أحدًا وجبت عليه إجابته. وقال صاحب التوضيح: صرح أصحابنا بأن ذلك من خصائصه ولا تبطل الصلاة بإجابته. وعند المالكية قولان في بطلان الصلاة بإجابته عليه الصلاة السلام، ورجح عليّ الأجهوريّ عدم البطلان، وإنما كانت إجابته واجبة، لما أخرجه البخاريّ أنه عليه الصلاة والسلام "دعا أبا سعيد فأبطأ وقال: كنت أصلي، قال: ألم تسمع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}. وفي الترمذيّ عن أبي هُريرة أنه عليه الصلاة والسلام "دعا أبيّ بن كعب وهو في الصلاة، فخفف فجاء، فقال له عليه الصلاة والسلام: ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك؟ قال: يا رسول الله، كنت أصلّي، قال: أفلم تجد فيما أوحي إليّ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} قال: بلى؟ ولأجيبُ إن شاء الله تعالى.
وقال الليث حدثني جعفر عن عبد الرحمن بن هرمز قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نادت امرأة ابنها وهو في صومعة قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجه المياميس. وكانت تأوي إلى صومعته راعيةً ترعى الغنم فولدت فقيل لها ممن هذا الولد قالت من جريج نزل من صومعته قال جريج أين هذه التي تزعم أن ولدها