للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلي قال: يا بابوس من أبوك؟ قال راعي الغنم.

وصله الإسماعيلي عن عاصم بن علي أحد شيوخ البخاريّ عن الليث مطولًا، ووصله المؤلف في أحاديث الأنبياء في باب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وأخرجه أيضًا بهذا الإسناد في المظالم، ورواه الأعرج عنه كما هنا، ورواه أبو رافع عنه كما عند مسلم وأحمد، ورواه أبو سلمة عنه كما عند أحمد، ورواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة عمران بن حصين.

وقوله: "نادت امرأة ابنها وهو في صومعته، قالت: يا جُريج" أي بجيمين مصغرًا، وأول حديث أبي سلمة "كان رجل في بني إسرائيل تاجرًا، وكان ينقص مرة ويزيد أخرى، فقال: ما في هذه التجارة خير، لألتمسنَّ تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعة وترهب فيها، وكان يقال له جريج" فذكر الحديث، ودل ذلك على أنه كان بعد عيسى بن مريم، وأنه كان من أتباعه؛ لأنهم هم الذين ابتدعوا الترهّب، وحبس النفس في الصوامع. والصَّوْمَعَةُ، بفتح المهملة وسكون الواو، البناء المرتفع المحدد أعلاه، ووزنها فَوْعَلَةٌ من صمعت إذا وقفت؛ لأنها دقيقة الرأس.

وفي رواية أحاديث الأنبياء "كان يصلي فجاءته أمه"، وفي رواية أبي رافع "كان جُرَيج يتعبد في صَوْمعته، فأتته أمه"، وليس في شيء من الطرق تسميتها، وفي حديث عمران بن حصين "وكانت أمه تأتيه فتناديه، فيشرف عليها فيكلمها، فأتته يومًا وهو في صلاته" وفي رواية أبي رافع عند أحمد "فأتته أمه ذات يوم فنادته، قالت: أيّ جُريج، أَشْرِف عليَّ أكلمك، أنا أمك".

وقوله "اللهم أمي وصلاتي" وفي رواية أحاديث الأنبياء "فدعته، فقال: أجيبها أو أصلي" وفي رواية المظالم "فأبى أن يجيبها" ومعنى قوله: "أمي وصلاتي" أي: اجتمع علي إجابة أمي وإتمام صلاتي، فوفقني لأفضلهما، وفي رواية أبي رافع "فصادفته يصلي، فوضعت يدها على حاجبها، فقالت: يا جُريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فاختار صلاته، فرجعت ثم أتته، فصادفته يصلي فقالت: يا جُريج أنا أمك فكلمني، فقال مثله"، فذكره وفي حديث عمران بن حُصين أنها "جاءته ثلاث مرات تناديه في كل مرة ثلاث مرات"، وفي رواية الأعرج عند الإسماعلي "فقال أمي وصلاتي لربي، أوثر صلاتي على أمي، ذكره ثلاثًا" وكل ذلك محمول على أنه قاله في نفسه لا أنه نطق به، ويحتمل أن يكون نطق به على ظاهره؛ لأن الكلام كان مباحًا عندهم. وكذلك كان في صدر الإِسلام كما مر.

قال ابن بطّال: سبب دعاء أم جريج عليه أن الكلام كان في شرعهم مباحًا في الصلاة، فلما آثر استمراره في صلاته ومناجاته على إجابتها، دعت عليه لتأخيره حقها والذي يظهر من ترديده في قوله "أمي وصلاتي" أن الكلام عنده يقطع، فلذلك لم يجبها.

وقد روى الحسن بن سفيان وغيره، عن الليث عن يزيد بن حَوْشب عن أبيه، قال: سمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>