قوله: زكاة الفطر، زاد مسلم عن نافع "من رمضان" واستدل به على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر، لأنه وقت الفطر من رمضان. وقيل: وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد، لأن الليل ليس محلًا للصوم، إنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر. والأول قول الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي، في الجديد، وأحد الروايتين عن مالك. والثاني قول أبي حنيفة والليث والشافعيّ في القديم. والرواية الثانية عن مالك، ويقويه قوله في حديث الباب "وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة".
قال المازريّ: قيل إن الخلاف ينبني على أن قوله "الفطر من رمضان" الفطر المعتاد في سائر الشهر، فيكون الوجوب بالغروب، أو الفطر الطارىء بعد، فيكون بطلوع الفجر. وتظهر ثمرة الخلاف فيمن وُلد أو اشتُري بعد الغروب، واستمر للفجر، تجب على الثاني دون الأول. وقال ابن دقيق العيد: الاستدلال بذلك لهذا الحكم ضعيف، لأن الإضافة إلى الفطر لا تدل على وقت الوجوب، بل تقتضي إضافة هذه الزكاة إلى الفطر من رمضان. وأما وقت الوجوب فيطلب من أمر آخر.
وقوله: صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، انتصب صاعًا على التمييز، أو أنه مفعول ثان، ولم تختلف الطرق عن ابن عمر في الاقتصار على هذين الشيئين، إلا ما أخرجه أبو داود والنَّسائي، عن نافع فزاد فيه السُّلْتَ والزَّبيب، والسلت بضم المهملة وسكون اللام بعدها مثناة، نوع من الشعير. ومذهب مالك والشافعي، وأحمد وإسحاق أنَّ صدقة الفطر صاع من البر، ومذهب أبي حنيفة نصف صاع من بر أو دقيق أو سويق أو زبيب، أو صاع من تمر أو شعير. وقال أبو يوسف ومحمد: الزبيب بمنزلة التمر والشعير. وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة. والأول رواية محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة.
وقوله: على العبد والحر، ظاهره إخراج العبد عن نفسه، ولم يقبل به إلا داود، فقال: يجب على السيد أن يمكِّن العبد من الاكتساب لها، كما يجب عليه أن يمكنه من الصلاة، وخالفه أصحابه والناس، واحتجوا بحديث أبي هريرة مرفوعًا "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر" أخرجه مسلم. وفي رواية له "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر والرقيق" ومقتضاه أنها واجبة على السيد.