قوله: وافقت ربي في ثلاث، أي ثلاث قضايا أو ثلائة أمور، ولم يؤنث ثلاثًا بالتاء مع أن الأمر مذكر, لأن التمييز إذا لم يذكر يجوز في لفظ العدد التذكير والتأنيث، والمعنى: وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، لكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه، أو أشار به إلى حدث رأيه وقدم الحكم. وقال صاحب "اللامع" لا يحتاج إلى ذلك, لأن من وافقك فقد وافقته.
قلت: الأمر كذلك، ولكن الطارىء العلم، والكلام هو الذي حصلت منه الموافقة، وليس في تخصيصه العدد ما ينفي الزيادة عليها, لأنه حصلت له الموافقة في أشياء غير هذه، وقف على خمسة عشر منها بالتعيين، من مشهورها قصة أُسارى بدر، حيث كان رأيه أن لا يُفدون، فنزل {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}[الأنفال: ٦٧] ومنها في منع الصلاة على المنافقين، فنزل {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٤] وهما في الصحيح ومنها ما رواه أبو داود في قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: