١٢] إلى قوله {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[المؤمنون: ١٤] قال: وافقت ربي، فقلت أنا: تبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت كذلك. ومنها في تحريم الخمر، ومنها في شأن عائشة رضي الله تعالى عنها لما قال أهل الإفك ما قالوا، فقلت: يا رسول الله، من زوجكها؟ فقال: الله تعالى، فقلت: أفتنظر أنّ ربك دلّس عليك فيها {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور: ١٦] فأنزل الله ذلك.
وصحح الترمذي من حديث ابن عمر ما نزل بالناس أمر قط، فقالوا فيه وقال فيه عمر رضي الله تعالى عنه، إلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر. وقوله: لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، يجوز أن يكون لو للتمني، فلا يحتاج إلى جواب، ويحتمل أن يكون للشرط محذوف الجواب، أي لكان صوابًا، أو نحو ذلك، وقيل هي لو المصدرية، أغنت عن فعل التمني. قال ابن الجوزي: إنما طلب عمر الاستنان بإبراهيم عليه السلام مع النهي عن النظر في كتاب التورية، لأنه سمع قول الله تعالى في حق إبراهيم {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}[البقرة: ١٢٤] وقوله تعالى {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}[النحل: ١٢٣] فعلم أن الائتمام بإبراهيم من هذه الشريعة، ولكون البيت مضافًا إليه، وأن أثر قدميه في المقام كرقم الباني في البناء، ليذكر به بعد موته، فرأى الصلاة عند المقام كقراءة الطائف بالبيت اسم من بناه، وهي مناسبة لطيفة. وقد استوفي الكلام على مقام إبراهيم في باب قوله {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥].
وقوله: وآية الحجاب، برفع آية على الابتداء والخبر محذوف، أي كذلك، أو على العطف على مقدر، أي هو اتخاذ مصلى، وآية الحجاب، أو بالنصب على الاختصاص، أو بالجر عطفًا على مقدر بدل قوله "ثلاث" أي اتخاذ مصلى من مقام إبراهيم. وقوله: لو أمرت نساءك أنْ يحتجبن فإنه يكلمهن البَرّ والفاجر، بفتح الباء، أي الطائع والعاصي. وقوله: فنزلت آية الحجاب، وهي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}[الأحزاب: ٥٩] وفي البخاري في سورة الأحزاب، فأنزل الله آية الحجاب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٣] إلى قوله {مِنْ وَرَاءِ