للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث السابع والعشرون]

٣٤ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا، إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».

قوله: كان منافقًا خالصًا، أيْ في هذه الخصال فقط لا في غيرها، أو شديد الشبه بالمنافقين. ووصفه بالخُلُوص يؤيد قولَ من قال: إن المراد بالنفاق العَمليّ لا الإِيمانيّ، أو النفاق العُرفيّ لا الشّرْعِيّ لأن الخلوص بهذين المعنيين لا يستلزم الكفر المُلقي في الدَّرك الأسفل من النار. وقوله: "إذا عاهد غدر" أي: تَرَك الوفاء لما عاهد عليه. وقوله: "وإذا خاصم فجر" أي في خصومته، والفجور الميل عن الحق والاحتيال في رده وقد تَحَصّل من الحديثين خَمسُ خصال: الثلاثة السابقة في الأول، والغدر في المعاهدة، والفجور في الخصومة في الثاني. فهي مُتغَايرة باعتبار تَغَايُر الأوصاف واللوازم ووجه الحصر فيها أن إظهار خلاف ما في الباطن إمّا في الماليات وهو ما إذا ائتمن وإما في غيرها. وهو إما في حالة الكُدورة، فهو إذا خاصم، وإما في حالة الصَّفاء، فهو إما مُؤكد باليمين، فهو إذا عاهد أم لا، فهو إما بالنّظر إلى المستقبل، فهو إذا وعد، وإما بالنظر إلى الحال، فهو إذا حدّث. لكنّ هذه الخمسة في الحقيقة ترجع إلى الثلاث لأنّ الغَدْر في العهد مُنْطوٍ تحت الخيانة في الأمانة. والفُجُور في الخصومة داخلٌ تحت الكذب في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>