قوله:"بين كل أذانين"، أي: أذان وإقامة، ولا يصح حمله على ظاهره، لأن الصلاة بين الأذانين مفروضة، والخبر ناطق بالتخيير، لقوله:"لمن شاء". وأجرى المصنف مجرى البيان للخبر، لجزمه بأن ذلك المراد، ويمكن حمله على ظاهره، بأن يكون التقدير بين كل أذانين صلاة نافلة غير المفروضة، وقد توارد الشُّرَّاح على أن هذا من باب التغليب، كقولهم: القمران للشمس والقمر، ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة الأذان؛ لأنها إعلام بحضور فعل الصلاة، كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت.
وقوله:"صلاة"، أي: وقت صلاة، أو المراد نافلة، ونُكِّرت لكونها تتناول كل عدد نواه المصلي من النافلة، كركعتين أو أربع أو أكثر، ويحتمل أن يكون المراد به الحث على المبادرة إلى المسجد عند سماع الأذان، لانتظار الإقامة، لأن منتظر الصلاة في صلاة. وقوله:"ثلاثًا"، أي: قالها ثلاثًا، وسيأتي بعد باب "بين كل أذانين صلاة". ثم قال في الثالثة: لمن شاء، وهذا يبين أنه لم يقل لمن شاء إلا في المرة الثالثة، بخلاف ما يشعر به ظاهر رواية الباب من أنه قيد كل مرة بقوله:"لمن شاء". ولمسلم والإسماعيلي قال في الرابعة:"لمن شاء". وكأن المراد بالرابعة في هذه الرواية المرة الرابعة، أي: أنه اقتصر فيها على قوله: "لمن شاء"، فأطلق عليها رابعة، باعتبار مطلق القول، وبهذا توافق رواية البخاري، وقد مر في العلم حديث أنس "أنه عليه الصلاة والسلام كان