رَقدَ أحدكم عن الصلاة، أو غَفَل عنها، فليصلها إذا ذكرها، فإن الله يقول:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}، وهذا ظاهر في أن الجميع من كلامه عليه الصلاة والسلام، واستدل به على أن شرع من قبلنا شرعٌ لنا؛ لأن المخاطب بالأية المذكورة موسى عليه الصلاة والسلام، وهو الصحيح في الأصول ما لم يرد ناسخ.
واختلف في المراد بقوله:{لِذِكْرِي}، فقيل: المعنى لتذكرني فيها، وقيل: لأذكرك بالمدح، وقيل: إذا ذكرتها لتذكيري لك إياها، وهذا يعضد قراءة من قرأ للذكرى. وقال النخعيّ: اللام للظرف، أي: إذا ذكرتني، أي: إذا ذكرت أمري بعدما نسيت. وقيل: لا تذكر فيها غيري، وقيل: شكرًا لذكري، وقيل: ذكري ذكرُ أمري. وقيل: المعنى إذا ذكرت الصلاة فقد ذكرتني؛ لأن الصلاة عبادة الله تعالى، فمتى ذكرها ذكر المعبود، فكأنه أراد لذكر الصلاة. وقال التوربشتيّ: الأولين أن يقصد إلى وجه يوافق الآية والحديث، وكأنَّ المعنى:(أقم الصلاة لذكرها)؛ لأنه إذا ذكرها ذكر الله تعالى، أو يقدر مضاف، أي: لذكر صلاتي، أو ذكر الضمير فيه موضع الصلاة لشرفها.
[رجاله خمسة]
الأول: أبو نعيم، وقد مرّ في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرّ موسى بن إسماعيل في الخامس من الوحي، ومرّ همام في الثالث والثمانين من الوضوء ومرّ قتادة وأنس في السادس من الإيمان.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والقول في موضعين، والعنعنة في ثلاثة، ورواه البُخاريّ عن شيخين أحدهما كوفيّ وهو أبو نعيم، والبقية من الرواة بصريُّون أخرجه البخاريّ هنا، ومسلم وأبو داود في الصلاة.
ثم قال: وقال حِبّان: حدثنا همام، حدثنا قتادة، حدثنا أنس، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- نحوه. زاد بهذا التعليق بيان سماع قَتادة له من أنس، لتصريحه فيه