قوله:"ومكة" هو من عطف الخامس على العام، لأن المراد بمكة هنا البلد فيكون الحرم أعم، ثم قال: ودخل ابن عمر حلالًا، أي: دخل مكة حال كونه حلالًا بغير إحرام، وهذا التعليق وصله مالك في الموطأ عن نافع، قال: أقبل عبد الله بن عمر من مكة حتى إذا كان بقديد بضم القاف بلغه خبر عن الفتنة فرجع فدخل مكة بغير إحرام، وروى ابن أبي شيبة، عن نافع، عن عبد الله، وبلغه بقديد أن جيشًا من جيوش الفتنة دخلوا المدينة فكره أن يدخل عليهم، فدخلها بغير إحرام، وقد مرَّ ابن عمر في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.
ثم قال: وإنما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإهلال لمن أراد الحج العمرة، ولم يذكره للحطابين وغيرهم.
قوله:"ولم يذكره للحطابين وغيرهم" هذا من كلام المصنف، وحاصله أنه خص الإحرام بمن أراد الحج والعمرة، واستدل بمفهوم قوله: في حديث ابن عباس ممن أراد الحج والعمرة فمفهومه أن المتردد إلى مكة لغير قصد الحج والعمرة لا يلزمه الإحرام، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال مالك والشافعي:"بجواز دخولها بغير إحرام لمن لم يرد الحج والعمرة" على قول، والمشهور من مذهب الشافعي عدم الوجوب مطلقًا، وفي قول: يجب مطلقًا، وفيمن يتكرر دخوله خلاف مرتب وأولى بعدم الوجوب، والمشهور عن الأئمة الثلاثة الوجوب، وفي رواية عن كل منهم لا يجب، وجزم الحنابلة باستثناء ذوي الحاجات المتكررة، واستثنى الحنفية من كان داخل الميقات، وقال أبو عمر لا أعلم خلافًا بين فقهاء الأمصار في الحطابين ومن يدمن الاختلاف إلى مكة، ويكثره في اليوم والليلة أنهم لا يؤمرون بذلك لما عليهم فيه من المشقة، وقال ابن وهب: عن مالك لا آخذ بقول ابن شهاب في دخول الإنسان مكة بغير إحرام، وقال: إنما يكون ذلك على مثل ما عمل به عبد الله بن عمر من القرب إلا رجلًا يأتي بالفاكهة من الطائف. أو ينقل الحطب يبيعه فلا بأس.