وهذا طريق من الحديث السابق، وقد مرَّ استيفاء الكلام عليه غاية الاستيفاء عند ذكر حديث ابن مسعود، في باب التوجه نحو القبلة، وذكرنا هناك ما قيل في رجوع الأمام إلى قول المأموين، وفي باب تشبيك الأصابع في المسجد، بحيث لم يبق شيء يحتاج للذكر هنا.
[رجاله خمسة]
مروا جميعًا مرَّ أبو الوليد في العاشر من الإيمان" ومرَّ شُعْبَةُ في الثالث منه، ومرَّ أبو هُرَيْرَةَ في الثاني منه، ومرَّ سَعْد بن إبراهيم في السابع والأربعين من الوضوء، ومرَّ أبو سَلَمَة في الرابع من بَدء الوحي. ثم قال المصنف:
[باب إذا بكى الإمام في الصلاة]
أي هل تفسد أم لا, وقد مرَّ حكم البكاء في الصلاة عند الأئمة في باب حد المريض، إلا أنني هناك لم أذكر للشافعية إلا قولًا واحدًا، بأن الصلاة عندهم تبطل بالبكاء والأنين والتَّأوّه إذا كانت حرفين، سواء بكى للدنيا أو للآخرة، وهذا أحد أوجه ثلاثة عندهم، وهو أصحها.
ثانيها: وهو محكيٌّ عن نصه في الإملاء، أنه لا يفسد مطلقًا, لأنه ليس من جنس الكلام، ولا يكاد يبين منه حرف محقق، فأشبه الصوت الغفل.
ثالثها عن القَفّال: إن كان فمه مطبقًا لم يفسد، وإلا أفسد إن ظهر منه حرفان، وبه قطع المُتَوَلَيّ، والوجه الثاني أقوى دليلًا. قال في "الفتح": أطلق جماعة التسوية بين الضحك والبكاء، وقال المتولي: لعل الأظهر في الضحك البطلان، لما فيه من هتك حرمة الصلاة، وهذا أقوى من حيث المعنى. قلت: أما مذهب المالكية، فلا خلاف عندهم أن القهقهة، وهي الضحك بصوت، مبطلة للصلاة.
ثم قال: وقالَ عبدُ اللهِ بنَ شَدّاد: سمعتُ نَشيجَ عمر وأنا في آخر الصفوف، فقَرَأ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف: ٨٦].