رد القضاء المبرم أو يراد به ما يشمل القضاء المبرم والمقصود من الدعاء التخفيف فيه ومنه صلة الرحم تزيد في العمر والرزق إنك تقضي الظاهر أن التعليل ليس مقصودًا بل القصد وصف المولى تبارك وتعالى بذلك على طريق التأكيد والتحقيق لأجل أن ينقطع العبد عمّا سواه ويلتجىء إليه التجاء غير مشوب بغيره تقضي أي تحكم على مَنْ تريد من عبادك بما تريد ولا يقضى عليك أي غيرك لا يمكن أن يقضي عليك بأمر؛ لأنه عاجز والعجز لازم له لا يذل مَنْ واليت أي: لا يهان مَنْ قمت بأمره وتدبيره ولا يعز مَنْ عاديت أي: لا يحصل له العز أي: القوة والغلبة مَنْ عاديت أي: لم تقم بأمره وتدبيره بل خذلته، تباركت أي: تعاظمت بالصفات الثبوتية والسلبية, وتعاليت أي: تنزهت عن كل ما لا يليق بك فهو من عطف الخاص على العام وزادت الحنابلة على هذا اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك منك لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ثم يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفي قوله:"نعوذ برضاك من سخطك إلخ" معنى لطيف وذلك أنه سأل الله تعالى أن يجيره برضاه من سخطه وهما ضدان متقابلان وكذلك المعافاة والمواخذة ثم لجأ إلى ما لا ضد له وهو الله تعالى وأظهر العجز والانقطاع وفزع منه إليه فاستعاذ به منه لا نحصي ثناء عليك أي: لا نطيقه ولا نبلغه ولا تنتهي غايته لقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} أي: تطيقوه.
وقوله:"أنت كما أثنيت على نفسك" اعتراف بالعجز عن الثناء ورده إلى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلا فكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته لا نهاية للثناء عليه؛ لأن الثناء تابع للمثنى عليه.
قد مرّ لك أن لا خلاف أن القنوت للحاجة بعد الركوع قال في "الفتح": ظهر لي أن الحكمة في جعل قنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإِجابة كما ثبت أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد وثبوت الأمر بالدعاء فيه هي أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم في الدعاء ولو بالتأمين ومن ثم اتفقوا على أنه يجهر به بخلاف القنوت في الصبح فاختلفوا في محله وفي الجهر به وقد مرَّ أن القنوت يأتي لمعان وذكر ابن العربي أنه جاء لعشرة ونظمها الحافظ زين الدين العراقي فقال:
ولفظ القنوت أعدد معانيه تجد ... مزيدًا على عشر معاني مرضية
سكوت صلاة والقيام وطوله ... كذاك دوام الطاعة الرابح ألقينه
[رجاله خمسة]
قد مرّوا إلاّ عبد الله بن محمد، مرَّ إسماعيل في الثامن من الإيمان, ومرّ أبو قلابة في التاسع منه، ومرَّ أنس في السادس منه، ومرّ خالد الحذاء في السابع عشر من العلم، وأما عبد الله فهو ابن