الأوقات أطيب أوقات المسافر، وكأنه عليه الصلاة والسلام، خاطب مسافرًا إلى مقصده، فنبهه على أوقات نشاطه، لأن المسافر إذا سافر الليل والنهارَ جميعًا، عجز وانقطع. وإذا تحرَّى السير في هذه الأوقات المنشطة، أمْكَنَتْه المُداومة من غير مشقة.
وحُسْن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نَقْلةٍ إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البَدَن، ومناسبة إيراد المُصنِّف لهذا الحديث عقب الأحاديث التي قبله ظاهرةٌ من حيث أنها تَضَمَّنت الترغيب في القيام والصيام والجهاد، فأراد أن يُبيِّن أن الأوْلى للعامل بذلك أن لا يُجْهد نفسه بحيث يعجز وينقطع، بل يعمل بتلطف وتدريج، ليدوم عمله ولا ينقطع.
وهذا الحديث من رواية عُمر بن عليّ، وهو ثقة مُدلِّس، كما يأتي قريبًا في تعريفه. ورواه هنا عنه بالعنعنة لتصريحه فيه بالسماع في صحيح ابن حبان من طريق أخرى، وله شواهد.
[رجاله خمسة]
الأول: عبدُ السلام بن مُطَهَّر، باسم المفعول ابن مصك بن ظالم ابن شَيْطان أبو ظُفر، بالتحريك، الأزْدي البَصْريّ، قال في الزهرة: روى عنه البخاريّ أربعة أحاديث، وذكره ابن حِبان في الثقات. وقال أبو حاتم: صدوق. روى عن جَرير بن حازم وشُعْبة وحَفْص بن غِياث ومُبارك ابن فَضالَة وموسى بن خَلف العَمِّي، وغيرهم.
وروى عنه البخاريّ وأبو داود وإبراهيم الحربيّ وسَلَمة بن شَبيب والذُّهليّ وأبو خَليفة وأبو موسى محمد بن المُثنى وغيرهم.
مات في رجب سنة أربع وعشرين ومئتين وليس في الستة عبد السلام ابن مطَهَّر سواه وأما عبد السلام فستة عشر.
الثاني: عمر بن علي بن عَطاء بن مُقَدَّم، بصيغة اسم المفعول،