للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثالث والثلاثون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ، فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَأَقَامَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِينَ السُّيُوفِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا". قَالُوا: لاَ وَاللَّهِ، لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ * الآخِرَةَ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ.

قوله: فنزل أعلى المدينة، وللأصيلي "في أعلى المدينة" وتأتي في الهجرة رواية "في علو المدينة" وكل ما في جهة نجد يسمى العالية، وما في جهة تهامة يسمى السافلة، وقباء من عوالي المدينة، وأخذ من نزوله عليه الصلاة والسلام التفاؤل له ولدينه بالعلو. وقوله: في حى، بتشديد الياء، القبيلة، وجمعه أحياء. وقوله: فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، ولأبوي ذرٍّ والوقت، وابن عساكر "أربعًا وعشرين"، وصوب في "الفتح" الأُولى قال: وكذا رواه أبو داود عن مسدد، شيخ المؤلف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>