منه لأنه جعل العلة في بقائه على إحرامه كونه أهدى، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد ومن وافقهما، ويؤيده حديث عائشة أول حديث الباب:"فأمر من لم يكن ساق الهدي أن يحل", والأحاديث بذلك متظافرة.
وأجاب الجمهور عنه بأنه ليس العلة في ذلك سوق الهدي، وإنما السبب فيه إدخال العمرة على الحج، ويدل له قوله في رواية عبيد الله بن عمر المذكورة حتى أحل من الحج، وعبر عن الإحرام بالحج بسوق الهدي لأنه كان ملازمًا له في تلك الحجة، فإنه قال لهم:"من كان معه الهدي فليهل بالحج مع عمرته، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا"، ولما كان عليه الصلاة والسلام قد أدخل العمرة على الحج، لم يفده الإحرام بالعمرة سرعة الإحلال لبقائه على الحج، فشارك الصحابة في الإحرام بالعمرة، وفارقهم ببقائه على الحج وفسخهم له.
والجواب مشكل على القائل بأنه عليه الصلاة والسلام كان مفردًا، وقال بعض العلماء: ليس لمن قال كان مفردًا عن هذا الحديث انفصال لأنه إن قال به استشكل عليه كونه علل عدم التحلل بسوق الهدي؛ لأن عدم التحلل لا تمتنع على من كان قارنًا عنده، ويجاب عنه بما مرَّ من أنه كان قارنًا بمعنى أنه أدخل العمرة على الحج بعد أن أهلَّ به مفردًا لا أنه أول ما أهل أحرم بالحج والعمرة معًا.
رجاله ستة قد مرّوا، مرَّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ إسماعيل بن أبي أويس في الخامس عشر من الإيمان، ومرَّ ابن عمر في أوله قبل ذكر حديث منه، ومرَّ نافع في الأخير من العلم، ومرّت حفصة أم المؤمنين في الثالث والستين من الوضوء.
فيه رواية الصحابي عن الصحابية، ورواية الأخ عن الأخت، أخرجه البخاري في موضعين في الحج وفي اللباس وفي المغازي، ومسلم في الحج، وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجه.