حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو مَعْبَدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِالتَّكْبِيرِ. قال علي: حدّثنا سفيان عن عمرو قال: كان أبو معبد أصدق موالي ابن عباس.
قوله:"كنت أعرف انقضاء صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتكبير" في رواية الحميدي عن سفيان بصيغة الحصر ولفظه: "ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا بالتكبير"، وكذا أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر عن سفيان، واختلف في كون ابن عباس قال ذلك فقال عياض: الظاهر أنه لم يكن يحضر الجماعة؛ لأنه كان صغيرًا ممن لا يواظب على ذلك إلى آخر ما مرّ قريبًا.
وقوله:"بالتكبير" هو أخص من الرواية التي قبلها؛ لأن الذكر أعم من التكبير، ويحتمل أن تكون هذه مفسرة لذلك، فكان المراد أن رفع الصوت بالذكر أي بالتكبير وكأنهم كانوا يبتدئون بالتكبير بعد الصلاة قبل التسبيح والتحميد، وسيأتي الكلام على ذلك في الحديث الذي بعده.
وقوله:"قال علي" هو ابن المديني وثبتت هذه الزيادة في رواية المستملي والكشميهني، وزاد مسلم في روايته المذكورة. قال عمرو يعني ابن دينار وذكرت ذلك لأبي معبد بعد فأنكره وقال: لم أحدثك بهذا قال عمرو: قد أخبرتنيه قبل ذلك. قال الشافعي بعد أن رواه عن سفيان: كأنه نسيه بعد أن حدّثه به وهذا يدل على أن مسلمًا كان يرى صحة الحديث ولو أنكره راويه إذا كان الناقل عدلًا؛ ولأهل الحديث فيه تفصيل. قالوا: إما أن يجزم برده أو لا، وإذا جزم فإما أن يصرح بتكذيب الراوي عنه أو لا، فإن لم يجزم بالرد كأن قال لا أذكره، فهو متفق عندهم على قبوله؛ لأن الفرع ثقة والأصل لم يطعن فيه. وإن جزم وصرّح بالتكذيب فهو متفق عندهم علي رده لأن جزم الفرع بكون الأصل حدّثه يستلزم تكذيبه في دعواه أنه كذب عليه وليس قبول قول أحدهما بأولى من الآخر. وإن جزم بالرد ولم يصرح بالتكذيب فالراجح عندهم قبوله.
وأما الفقهاء فاختلفوا، فذهب الجمهور في هذه الصورة إلى القبول وعن بعض الحنفية ورواية عن أحمد لا يقبل قياسًا على الشاهد واليمين حيث رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة فحدث به ربيعة ثم نسيه، فكان بعد ذلك يحدث به عن ربيعة عن نفسه، وللإِمام فخر الدين في هذه المسألة تفصيل نحو ما تقدم، وزاد فإن كان الفرع مترددًا في سماعه والأصل جازمًا بعدمه سقط