للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الستون]

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِى كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} إِلَى قَوْلِهِ {الرَّحِيمُ} إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وِإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الْعَمَلُ فِى أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِشِبَعِ بَطْنِهِ وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ.

قوله "أكثر أبو هريرة" أي: من الحديث، كما صرح به في البيوع، وله فيها، وفي المزارعة. ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه؟. وبهذه الزيادة تبين الحكمة في ذكره المهاجرين والأنصار، ووضعه المُظْهر موضع المُضْمر على طريق الحكاية، حيث قال: أكثر أبو هريرة، ولم يقل أكثرت، وقوله "ولولا آيتان" مقول قال، لا مقول يقولون، وقوله "ثم يتلو" مقول الأعرج، وذكره بلفظ المضارع استحضارًا لصورة التلاوة، ومعناه: لولا أن الله ذم الكاتمين للعلم ما حدّث أصلًا، لكن لما كان الكتمان حرامًا، وجب الإظهار، فلهذا حصلت الكثرة، لكثرة ما عنده. والكتمان هو ترك إظهار الشيء مع مساس الحاجة إليه، وتحقق الداعي إلى إظهاره، ثم بين سبب الكثرة بقوله "إن إخواننا" جمع أخ، ولم يقل "إخوانه" بضمير الغيبة، لقصد الالتفات، وعدل عن الإفراد إلى الجمع لقصد نفسه وأمثاله من أهل الصُّفَّة، وحذف العاطف لجعله جملة استئنافية للإكثار جوابًا للسؤال عنه، والمراد إخوة الإِسلام.

وقوله "من المهاجرين" أي: الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>