للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثاني والستون]

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ قَالَ: رَأَى حُذَيْفَةُ رَجُلاً لاَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَقَالَ: مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِى فَطَرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم-.

قوله: "رأى حذيفة رجلًا" قال في "الفتح": لم أقف على اسمه لكن عند ابن خزيمة وابن حِبّان عن الأعمش أنه كان عند أبواب كندة ومثله لعبد الرزاق عن الثوري قوله: لا يتم الركوع والسجود في رواية عبد الرزاق فجعل ينقر ولا يتم ركوعه زاد أحمد عن شعبة فقال: منذ كم صليت؟ فقال: منذ أربعين سنة. ومثله في رواية الثوري وللنسائي عن زيد بن وهب مثله، وفي حمله على ظاهره نظر وأظن ذلك هو السبب في كون البخاري لم يذكر ذلك، وذلك لأن حذيفة مات سنة ست وثلاثين فعلى هذا يكون ابتداء صلاة المذكور قبل الهجرة بأربع سنين أو أكثر ولعل الصلاة لم تكن فرضت بعد فلعله إطلق وأراد المبالغة أو لعله ممن كان يصلي قبل إسلامه ثم أسلم فحصلت المدة المذكورة من الأمرين.

وقوله: "ما صليت" هو نظير قوله -صلى الله عليه وسلم- للمسيء صلاته: فإنك لم تصلِّ. وقد مضى في باب القراءة للإمام والمأموم وسيأتي بعد باب.

وقوله: "التي فطر الله محمدًا" زاد الكشميهنيَّ عليها واستدل به على وجوب الطمأنينة في الركوع والسجود وعلى أن الإخلال بهما مبطل للصلاة وقد استوفى الكلام على حكم الطمأنينة في باب القراءة للإمام والمأموم عند حديث المسيء صلاته وعلى تكفير تارك الصلاة؛ لأن ظاهره أن حذيفة نفى الإِسلام عمّن أخلّ ببعض أركانها فيكون نفيه عمّن أخل بها كلها أولى وهذا بناء منه على أن المراد بالفطرة الدين وقد أطلق الكفر على مَنْ لم يصل كما رواه مسلم وهو إما على حقيقته عند قوم وإما على المبالغة في الزجر عند آخرين قال: الخطابي الفطرة الملة أو الدين قال: ويحتمل أن يكون المراد بها هنا السنة كما جاء خمس من الفطرة الحديث، ويكون حذيفة قد أراد توبيخ الرجل ليرتدع في المستقبل ويرجحه وروده من طريق آخر بلفظ سنة محمد كما يأتي بعد عشرة أبواب وهو مصير من البخاري إلى أن الصحابي إذا قال سنة محمد أو فطرته كان حديثًا مرفوعًا وخالف في ذلك قوم والراجح الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>