للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وسلم، عن لفظ جواب السائل لأن الغضب والحمية قد يكونان لله تعالى، أو لغرض الدنيا، فأجاب عليه الصلاة والسلام بلفظ جامع مختصر، أفاد دفع الإلباس، وزيادة الإفهام. ولو ذهب يقسم وجوه الغضب لطال ذلك، ولخشي أن يلبس عليه.

وفي الحديث بيان أن الأعمال إنما تحتسب بالنية الصالحة، وأن الفضل الذي ورد في المجاهد يختص بمن ذكر، وفيه جواز السؤال عن العلة، وتقدم العلم على العمل، وأنه لا بأس بقيام السائل عند أمن الكِبْر، وفيه استحباب إقبال المسؤول على السائل، وذم الحرص على الدنيا وعلى القتال لحظ النفس في غير الطاعة، وجواز وقوف المستفتي لعذر أو حاجة.

رجاله خمسة وقد ذكروا: الأول عثمان بن أبي شَيبة، والثاني جرير بن عبد الحميد، والثالث منصور بن المَعْتَمِر، وقد مر تعريف هؤلاء الثلاثة في الحديث الثاني عشر من كتاب العلم. والرابع أبو وائل شقيق، مر تعريفه في الحديث الثاني والأربعين من كتاب الإيمان، والخامس أبو موسى عبد الله بن قيس، مر تعريفه في الحديث الرابع منه أيضًا.

لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والعنعنة، ورجاله كلهم كوفيون، وهم أئمة أجلاء، أخرجه البخاري هنا، وفي الجهاد وفي كتاب الخمس، وفي التوحيد. ومسلم في الجهاد، وأبو داود فيه أيضًا والتِّرمذْي فيه أيضًا، وقال: حسن صحيح. والنَّسائيّ وابن ماجه فيه أيضًا. ثم قال المصنف:

باب السؤال والفُتيا عند رمي الجمار

مراده أن اشتغال العالم بالطاعة، لا يمنع من سؤاله عن العلم، ما لم يكن مستغرقًا فيها، وأن الكلام في الرمي وغيره من المناسك جائز.

وقد اعترض بعضهم على الترجمة بأنه ليس في الخبر أن المسألة وقعت في حال الرمي، بل فيه أنه كان واقفًا عندها فقط، وأجيب بأن

<<  <  ج: ص:  >  >>