للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسناده ضعيف. وقيل: معناه زيادة لك خالصة، لأن تطوع غيره يكفر ما على صاحبه من ذنب، وتطوعه هو عليه الصلاة والسلام يقع خالصًا له، لكونه لا ذنب عليه. وروى معنى ذلك الطبريُّ وابن أبي حاتم عن مجاهد بإسناد حسن، وعن قتادة كذلك، ورجَّح الطبريُّ الأول وليس الثاني ببعيد عن الصواب.

[الحديث الأول]

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَوْ لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ.

قوله: "إذا قام من الليل يتهجد" في رواية مالك عن أبي الزُّبير عن طاوس: "إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل" وظاهر السياق أنه كان يقوله أوّل ما يقوم إلى الصلاة، وترجم عليه ابن خُزيمة الدليل على أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يقولُ هذا التحميد بعد أن يكبر، ثم ساقه عن قيس بن سعد عن طاووس عن ابن عباس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام للتهجد قال بعدما يكبِّر: "اللهُمَّ لك الحمد" وسيأتي هذا في الدعوات عن كُريب عن ابن عباس، في حديث مبيته عند النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيت ميمونة، وفي آخره: "وكان في دعائه: اللهم اجعل في قلبي نورًا" الحديث. وهذا قاله لما أراد أن يخرج إلى صلاة الصبح، كما بيَّنه مسلم من رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه.

وقوله: "قيّم السموات" في رواية أبي الزبير المذكور "قيَّام السموات" وفي رواية "قيّم السموات والأرض" بدون لفظة "أنت" ولكنه مقدر في صورة الحذف. لأن قيّم السموات والأرض مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوفٍ، وهو أنت والقَيِّم والقَيَّام والقَيُّوم بمعنى واحد، وهو الدائم القائم بتدبير الخلق المعطي له ما به قوامه، أو القائم بنفسه المقيم لغيره من كل موجود، حتى لا يتصور وجود شيء، ولا دوام وجوده إلاّ به. وقال التَّورْبَشْتيّ: والمعنى أنت الذي تقوم بحفظها، وحفظ من أحاطت به، واشتملت عليه، تؤتي كلًا ما به قوامُه، وتقوم على كل شيء من خلقك بما تراه من تدبيرك. وعبّر "بمن" في قوله: "ومَنْ فيهنّ" دون ما تغليب للعقلاء على غيرهم. وقيل: "قيّام" على المبالغة من قام بالشيء، إذا هَيّأ له جميع ما يحتاج إليه، وقيل: "قيّم السموات والأرض" خالقهما

<<  <  ج: ص:  >  >>