فيه التحديث بالجمع والإِفراد والعنعنة والقول، ورواته مصريان ومدنيان، وفيه رواية التابعيّ عن التابعيّ. أخرجه البخاريّ أيضًا في الجنائز والمغازي، وأبو داود في الجنائز، وكذلك التِّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه.
قوله: صلاتَه، بالنصب أي مثل صلاته، زاد في غزوة أحد عن حَيْوة بن شُريح عن يزيد "بعد ثمان سنين، كالمودع للأحياء والأموات" وزاد فيه "فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وقد كانت أُحُدٌ بشوال سنة ثلاث. ومات النبي -صلى الله عليه وسلم- في ربيع الأول سنة إحدى عشرة، فعلى هذا ففي قوله "بعد ثمان سنين" تجوز على طريق جبر الكسر، وإلا فهي سبع سنين ودون النصف.
وقال النووي: المراد بالصلاة هنا الدعاء، وأما كونه مثل الذي على الميت، فمعناه أنه دعا لهم بمثل الدعاء الذي كانت عادته أن يدعو به للموتى. ومعنى قوله: كالمودع للأحياء والأموات، أما توديعه للأحياء فظاهر, لأنه يشعر بأن ذلك كان في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، وأما توديع الأموات فيحتمل أن يكون الصحابيّ أراد بذلك انقطاع زيارته الأموات بجسده الشريف, لأنه بعد موته، وإن كان حيًا فهي حياة أخروية لا تشبه الحياة الدنيوية.
ويحتمل أن يكون المراد بتوديع الأموات ما أشار إليه في حديث عائشة من الاستغفار لأهل البقيع. وقوله: ثُم انصرف إلى المنبر، وفي رواية مسلم كالمؤلف في المغازي "ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء والأموات" وعند ابن أبي شيبة من مرسل أيوب بن بشير "خرج عاصبًا رأسه حتى جلس على المنبر، ثم كان أول ما تكلم به أن صلى على أصحاب أُحد، واستغفر لهم، وأكثر