قوله "إنّه ليمنعني أن أحدثكم" بكسر همزة إنّ الأولى مع التشديد وفتح الثانية مع التخفيف أي ليمنعني تحديثكم. وقوله: حديثًا كثيرًا بالنصب فيهما، والمراد جنس الحديث، ومن ثم وصفه بالكثرة، وقوله:"إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم" في محل الرفع, لأنه فاعل "يمنعني" وإنما خشي أنس مما خشي منه الزبير، ولذلك صرح بلفظ الإِكثار, لأنه مظنته، ومن حام حول الحمى لا يأمن وقوعه فيه، فكان التقليل منهم للاحتراز، فلم يكن توقيه من التحديث للامتناع من أصل التحديث، للأمر بالتبليغ، وإنما هو لخوف الإِكثار المفضي إلى الخطأ، ومع ذلك فأنس من المكثرين, لأنه تأخرت وفاته، فاحتيج له، ولم يمكنه الكتمان كما مر. ويُجْمعَ بأنه لو حدث. بجميع ما عنده، لكان أضعاف ما حدث به.
وفي رواية عتاب مولى هرمُز: سمعت أنسًا يقول: لولا أني أخشى أن أخطىء لحدثتك بأشياء قالها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. الحديث أخرجه أحمد بإسناد، فأشار بأنه لا يحدث إلا بما تحققه, ويترك ما يشك فيه، وحمله بعضهم على أنه كان يحافظ على الرواية باللفظ، فأشار إلى ذلك بقوله "لولا أن أخطىء" وفيه نظر، والمعروف عن أنس جواز الرواية بالمعنى، كما أخرجه الخطيب عنه صريحًا وقد وجد في رواياته ذلك كالحديث في البسملة، وفي قصة تكثير الماء عند الوضوء، وفي قصة تكثير الطعام.