للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الجمهور، وقيل: ثبت وجوبه بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وقد مرَّ ما في ذلك.

وقوله: "حجّ البيت" مرفوع على الابتداء، خبره مقدم.

"ولله على الناس"، أي: ولله فرضٌ واجبٌ على الناس؛ لأن اللام لام الإِيجاب.

وقوله: "من استطاع" بدل الناس في محل الجر، والتقدير: وللهِ على من استطاع من الناس حج البيت، والاستطاعة: هي الزاد والراحلة وتخلية الطريق، فقد روى الحاكم -وقال: صحيح على شرط مسلم- وعن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "السبيل الزاد والراحلة"، وروى الترمذي عن ابن عمر، قال: قام رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: من الحاج يا رسول الله؟ قال: "الشعث التفل"، فقام آخر، فقال: أيُّ الحج أفضل يا رسول الله؟ فقال: "العج الثج"، فقام آخر فقال: ما السبيل يا رسول الله؟ قال: "الزاد والراحلة". وقال ابن أبي حاتم: قد روي عن ابن عباس، وأنس، والحسن، ومجاهد، وعطاء، وسعيد بن جبير، وقتادة نحو ذلك.

وروى ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، قال: من ملك ثلاثمائة درهم فقد استطاع إليه سبيلًا، وعن عكرمة مولاه، قال: من استطاع إليه سبيلًا، السبيل: الصحة، وقوله: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد، أي: ومن جحد فرضية الحج فقد كفر، والله غني عنه، وقيل: من لم يرج ثوابه ولم يخف عقابه، فقد تركه، وقيل: إذا أمكنه الحج ولم يحج حتى مات.

وروى ابن مردويه عن علي رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من ملك زادًا وراحلة ولم يحج بيت الله، فلا يضره مات يهوديًا أو نصرانيًا"، وذلك بأن الله تعالى قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} إلى آخره، ورواه الترمذي أيضًا، وقال: هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال. وروى الأسماعيلي عن عبد الرحمن بن غنم سمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، يقول: من أطاق الحج فلم يحج، فسواءٌ عليه يهوديًا مات أو نصرانيًا. وهذا إسناد صحيح إلى عمر، قاله ابن كثير في تفسيره. أ. هـ.

[الحديث الأول]

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-

<<  <  ج: ص:  >  >>