لم يورد المصنف في الباب غير حديث الخثعمية هذا، وشاهد الترجمة منه خفيٌّ، وكأنَّه أراد إثبات فضله من جهة تأكيد الأَمر به، بحيث إن العاجز عن الحركة إليه يلزمه أن يستنيب غيره، ولا يُعذَر بترك ذلك، والمراد منه هنا تفسير الاستطاعة المذكورة في الآية، وأنها لا تختص بالزاد والراحلة، بل تتعلق بالمال والبدن؛ لأنها لو اختصت للزم المعضوب، أي: الزمن الذي لا حراك به أن يشد على الراحلة، ولو شق عليه.
قال ابن المنذر: لا يثبت، الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة، والآية الكريمة عامة ليست بمجملة، فلا تفتقر إلى بيان، وكأنه كلَّف كل مستطيع قدر بمال أو بدن.
والناس قسمان: من يجب عليه الحج، ومن لا يجب، الثاني: العبد وغير المكلف وغير المستطيع. ومن لا يجب عليه إما أن يجزئه المأْتي به أو لا، الثاني: العبد، وغير المكلف، والمستطيع إما أن تصح مباشرته منه أو لا، الثاني: غير المميز، ومن لا تصح مباشرته إما أن يباشر عنه غيره أو لا، الثاني: الكافر. فتبين أنه لا يشترط لصحة الحج إلا الإِسلام.
وقوله: عن ابن عباس، قال: كان الفضل ... الخ، هكذا رواه مالك، وأكثر الرواة عن الزهري فلم يقولوا فيه عن الفضل.
وروى ابن ماجه عن ابن عباس: أخبرني حصين بن عوف الخثعمي، قلت: يا رسول الله، إن أبي أدركه الحج ولا يستطيع أن يحج -الحديث. وخالف ابن جريج مالكًا، وتابعه معمر، فروياه عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس، قال الترمذي: سالت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا، فقال: أصح شيء فيه ما روى ابن عباس عن الفضل، قال: فيحتمل أن يكون ابنُ عباس سمعه من الفضل وغيره، ثم رواه بغير واسطة، وإنما رجَّح البخاري الرواية عن الفضل لأنه كان ردفَ النبي -صلى الله عليه وسلم- حينئذٍ، وكان ابن عباس قد تقدم مع الضعفة من مزدلفة إلى مني.
وفي باب التلبية والتكبير عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يُلبي حتى رمى الجمرة، فكأَنَّ الفضل حدَّث أخاه بما شاهده