ثبتت هذه الترجمة للمستملي. وفي رواية أبي الوقت أبواب تقصير الصلاة. وثبتت البسملة في رواية كريمة والأصيلي. ثم قال:
[باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر؟]
تقول: قَصَرت الصلاة، بفتحتين مخففًا قصرًا، وقصّرتها بالتشديد تقصيرًا، وقصرتها إقصارًا. والأول أشهر في الاستعمال، والمراد به تخفيف الرباعية إلى ركعتين. ونقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن لا تقصير في صلاة الصبح، ولا في صلاة المغرب.
قلت: مذهب مالك أن قصر الرباعية في السفر المباح واجبًا كان أو جائزًا سنة مؤكدة. وسفر المعصية أي: الذي هو بعينه معصية كالآبق وقاطع الطريق يحرم فيه القصر، وفي وجوب الإعادة وعدمه قولان: اختلف الترجيح فيهما، وأما اللاهي بسفره فقصره مكروه؛ لكراهية سفره. وفي ندب إعادته قولان، ويأتي القدر الذي تقصر فيه الصلاة قريبًا إن شاء الله تعالى. وقال النووي: ذهب الجمهور إلى إنه يجوز القصر في كل سفر مباح، وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد، إلاَّ أن أحمد قال: إن الأفضل القصر. وأوجبه أبو حنيفة والثوري في كل سفر طاعة كان أو معصية. وقد مرّ في أول صلاة الخوف ما استدل به الفريقان. واستدلت المالكية على سنيته بمداومته -صلى الله عليه وسلم- وإظهاره في جماعة، وهذا هو حقيقة السنة. وذهب بعض السلف إلى إنه يشترط في القصر الخوف في السفر، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو جهاد، وبعضهم كونه سفر طاعة. وقوله: وكم يقيم حتى يقصر في هذه الترجمة إشكال؛ لأن الإقامة ليست للقصر، ولا القصر غاية للإقامة.
وأجاب الكرماني بأن عدد الأيام المذكورة سبب لمعرفة جواز القصر فيها، ومنع الزيادة. وأجاب غيره بأن المعنى: وكم إقامته المغياة بالقصر. وحاصله كم يقيم مقصرًا. وقيل: المعنى كم يقصر حتى يقيم؟ أي: حتى يسمّى مقيمًا، فانقلب اللفظ أو حتى هنا بمعنى حين أي: كم يقيم حين يقصر؟ وقيل: فاعل يقيم هو المسافر، والمراد إقامته في بلد ما غايتها التي إذا حصلت يقصر، وقرر العيني اللفظ فقال: وكم يومًا يمكث المسافر لأجل القصر؟ فكم هنا استفهامية بمعنى أي عدد، ولا يكون تمييزه إلا مفردًا خلافًا للكوفيين، ويكون منصوبًا، ولفظه: حتى هنا للتعليل لأنها تأتي في كلام العرب لأحد ثلاثة معان: انتهاء الغاية، وهو الغالب. والتعليل وبمعنى إلاّ في الاستثناء. وهذا أقلها. ولفظة: يقيم معناها يمكث، وجواب كم محذوف تقديره تسعة عشر يومًا،