وقوله:"عن زينب" زيادة في هذه الطريق، فقد أخرجه أبو علي بن السكن، عن محمد بن حرب، وليس فيه زينب، وقال الدارقطني: لم يسمعه عروة عن أم سلمة، وأخرجه الإسماعيلي والنسائي عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة، وسماع عروة من أم سلمة ممكن فإنه أدرك من حياتها نيفًا وثلاثين سنة وهو معها في بلد واحد، والحديث في قصتين متغايرتين إحداها صلاة الصبح يوم النحر، والأُخرى صلاة صبح يوم الرحيل من مكة، وقد تقدم الكلام على حديث أم سلمة في باب إدخال البعير المسجد للعلة آخر أبواب المساجد، وفي باب طواف النساء مع الرجال.
وموضع الحاجة من هنا قوله في آخره: فلم تصل حتى خرجت، أي: من المسجد، أو من مكة، فدلَّ على جواز صلاة الطواف خارجًا من المسجد إذ لو كان ذلك شرطًا لازمًا لما أقرها النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وفي رواية حسان عند الإسماعيلي:"إذا قامت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك من وراء الناس وهم يصلون"، قالت: ففعلت ذلك ولم أصل حتى خرجت، أي: فصليت، وبهذا ينطبق الحديث مع الترجمة، وفيه رد على من قال: يحتمل أن تكون أكملت طوافها قبل فراغ صلاة الصبح، ثم أدركتهم في الصلاة، فصلت معهم صلاة الصبح، ورأت أنها تجزئها عن ركعتي الطواف، وإنما لم يبت البخاري الحكم في هذه المسألة، لاحتمال كون ذلك يختص بمن كان له عذر لكون أم سلمة كانت شاكية، ولكون عمر إنما فعل ذلك لكونه طاف بعد الصبح، وكان لا يرى التنفل بعده مطلقًا حتى تطلع الشمس كما مرَّ مصرحًا به، واستدل به على أن من نسي ركعتي الطواف قضاهما حيث ذكرهما من حلٍّ أو حرم، وهو قول الجمهور، وعن الثوري: يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم، وعن مالك: إن لم يركعهما حتى تباعد ورجع إلى بلده، فعليه دم، قال ابن المنذر: ليس ذلك أكثر من صلاة المكتوبة، وليس على من تركها غير قضائها حيث ذكرها.
رجاله تسعة؛ لأنه أخرجه من طريقين.
مرَّ منهم: عبد الله بن يوسف ومالك وهشام بن عروة وأبو عروة في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ محمد بن عبد الرحمن في الثامن والثلاثين من الغسل، ومرت زينب بنت أبي سلمة في السبعين من العلم، ومرت أم سلمة في السادس والخمسين منه، ومرَّ محمد بن حرب النشائي ويحيى بن أبي زكرياء في السادس والأربعين والمائة من الجنائز.