مأمورًا أن يأتي بما عليه بالإِخلاص وترك الرياء، فينبغي أن يعاقب على ترك الإخلاص، لأنه مأمور به، وتارك المأمور به يعاقب، وأسهل من هذا أن يقول: إن الرياء معصية، فيعاقب عليها.
والحاصل: أن النية الصالحة إكسير يقلب العادة عبادة، والقبيح جميلًا، فالعاقل لا يتحرك حركة إلا لله، فينوي بمكثه في المسجد زيارة ربه في انتظار الصلاة، واعتكافه على طاعته، وبدخوله الأسواق ذكر الله، وليس الجهر شرطًا، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وينوي عقب فريضة انتظار أخرى، فأنفاسه إذًا نفائس، ونيته خير من عمله، وهذا الحديث طرف من حديث سعد بن أبي وقاص في مرضه بمكة، وعيادة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم له، ويأتي قريبًا ذكر المواضع التي أخرجه البخاري فيها، ووقع الكلام عليه هنا من جهة النية التي أورده البخاري فيها، ويأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في كل موضع بحسب الغرض الذي سيق لأجله.
[رجاله خمسة]
الأول: أبو اليمان، والثاني شُعيب بن أبي حمزه، وقد مرّا في السابع من بدء الوحي، ومر ابن شهاب في الثالث منه، ومر عامر بن سعد وأبوه سعد ابن أبي وقّاص في العشرين من كتاب الإِيمان، ومر هذا الإسناد بعينه هناك فانظر لطائفه.
وهذا الحديث قطعة من حديث طويل مشهور أخرجه البخاري هنا، وفي المغازي عن محمد بن يونس، وفي الدعوات عن موسى بن إسماعيل، وفي الهجرة عن يحيى بن قَزَعَة، وفي الجنائز عن عبد الله بن يوسف، وفي الطب عن موسى بن إسماعيل، وفي الفرائض عن أبي اليمان.
ومسلم في الوصايا عن يحيى بن يحيى، وأبو داود في الوصايا أيضًا عن عثمان بن أبي شَيْبة، والترمذي فيها أيضًا عن محمد بن يحيى بن