وفي الحديث فضيلة عمر، وأن الرؤيا من شأنها أن لا تحمل على ظاهرها، وإن كانت رؤيا الأنبياء من الوحي، لكن منها ما يحتاج إلى تعبير, ومنها ما يحمل على ظاهره، والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله تعالى عليه وسلم، واختص عمر بذلك، لطول مدته بالنسبة إلى أبي بكر، وباتفاق الناس على طاعته، بالنسبة إلى عثمان، فإن مدة أبي بكر كانت قصيرة، فلم تكثر فيها الفتوح التي هي أعظم الأسباب في الاختلاف، ومع ذلك فساس عمر فيها، مع طول مدته الناس، بحيث لم يخالفه أحد، ثم ازدادت اتساعًا في خلافة عثمان، فانتشرت الأقوال واختلفت الآراء، ولم يتفق له ما اتفق لعمر من طواعية الخلق له، فنشأت من ثَمَّ الفتنُ، إلى أن أفضى الأمر إلى قتله، واستخلف عليّ فما ازداد الأمر إلا اختلافًا، والفتن إلا انتشارًا.
[رجاله ستة]
الأول: سعيد بن عفير، وقد مر في الثالث عشر من كتاب العلم هذا، ومر الليث بن سعد وعقيل بن خالد وابن شهاب الزُّهْرِيّ في الثالث من بدء الوحي، ومر عبد الله بن عمر في الأثر الرابع من كتاب الإِيمان قبل ذكر حديث منه، وفيه حمزة وهو حمزةُ بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب رضي الله عنهم، أبو عُمارة، بضم العين، المدنيّ العَدَويّ القُرَشِيّ التابعيّ، الجليل، أمه أم ولد، شقيق سالم وعُبيد الله، قال ابن سعد: كان ثقةً قليلَ الحديث. وقال العَجْلِيّ: مَدَني تابعيّ ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات وذكره يحيى بن سعيد في فقهاء المدينة، روى عن أبيه وعمته حفصة، وعائشة، وروى عنه أخوه عبد الله، وابن ابن أخيه خالد بن أبي بكر بن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر والزهرِىّ، وأخوه عبد الله بن مسلم بن شهاب، وموسى بن عقبة وغيرهم.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث بصيغة، الجمع والإِفراد والسماع، ومنها أن نصف رواته مِصْريون، ونصفهم مدَنيون، وفيه رواية