رمضان إلى رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عارَضَهُ به مرتين، كما ثبت في الصحيح من حديث فاطِمَةَ رضي الله تعالى عنها، وبهذا يُجاب من سأل عن مناسبة إيراد الحديث في هذا الباب، ثم نزل بعد نزوله جُملة على حسب الأسباب في عشرين سنة، وقيل نزلت صُحُف إبراهيم عليه السلام أول ليلة منه، و"التوراة" لِسِتٍّ، و"الِإنجيل" لثلاث عشرة، و"القرآن" لأربع وعشرين، وفهم منه أن جبريل عليه الصلاة والسلام كان ينزل على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في كل ليلة من رمضان، وهذا يعارض ظاهر ما رُوي في صحيح مسلم:"في كل سنة في رمضان حتى يَنْسلِخَ" وأجيب بأن المحفوظ في مسلم أيضًا مثل ما في البخاري، ولئن سلمنا صحة الرواية المذكورة فلا تَعَارُضَ، لأن معناه بمعنى الأول، لأن قوله:"حتى يَنْسَلخَ" بمعنى كل ليلة، وخُص رمضان بالمدارسة لأن عبادة فيه أفضل من العبادة في غيره، ولذلك قال الزُّهري:"تَسْبيحةٌ في رمضان خير من سبعين في غيره. وقد جاء في الحديث أنه يُعْتَقُ في كل ليلة منه ألف ألف عتيق من النار.
[رجاله ثمانية]
الأول: عَبْدان، وهو لقب عبد الله بن عثمان بن جَبَلة -بفتح الجيم والباء الموحدة- ابن أبي رَوّاد ميمون، وقيل: أيمن الأزدِيُّ العَتَكي مولاهم، أبو عبد الرحمن المَرْوَزِيّ الحافظ، مولى المُهَلَّب بن أبي صُفرة.
قال ابن حبان في "الثقات": قال أحمد بن حَنْبل: ما بقي الرِّحْلة إلا إلى عَبْدان بخراسان. قال أحمد بن عَبْدة: تصدق عَبْدان في حياته بألف ألف درهم، وكَتَبَ كُتُبَ ابن المبارك بقلم واحد. وقال ابن عدي في "شيوخ البخاري": حدث عن شعبة أحاديث تفرد بها. وقال أبو رَجَاء محمد بن حَمْدويه: رأيته يَخْضِبُ، وهو ثقة مأمون. وقال الحاكم: كان إمام أهل الحديث ببلده، ولاه عبد الله بن طاهر قضاء الجُوزجان فاحتال حتى اعتفى، وفي "الزهرة" روى عنه البخاري مئة حديث وعشرة أحاديث، قيل: إنه لقب عبدان لكون أول اسمه عبد، وأول كنيته عبد، فاجتمع من