له عبد الله: تقتلني ثم تعودني كفى الله حكمًا بيني وبينك، فصرح بأنه أمر بقتله وأنه قاتله. بخلاف ما حكاه الزبيري فإنه غير صريح، وعلى هذا ففيه نسبة الفعل إلى الأمر به فقط وهو كثير وفي هذه القصة تعقب على المهلب حيث استدل به على سدّ الذرائع؛ لأن ذلك مبني على أن الحجاج لم يقصد ذلك قلت: المهلب بني استدلاله على رواية البخاري التي هي أصح فلا يعترض عليه بما رواه غيره مما لم تثبت عنده صحته.
وقولى:"حملت السلاح" أي أمرت بحمله فتبعك أصحابك في حمله.
وقوله:"في يوم لم يكن يُحمل فيه" هذا هو موضع الترجمة وهو بالبناء للمجهول وهو مصير من البخاري إلى أن قول الصحابي كان يفعل كذا على البناء لما لم يسَّم فاعله يحكم برفعه.
وقوله:"ولم يكن السلاح يُدخل الحرم" بضم المثناة التحتية مبنيا للمفعول أي فخالفت السنة في الزمان والمكان وإنما منع من حمل السلاح في الحرم للأمن الذي جعله الله لجماعة المسلمين فيه، لقوله تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} وحمل السلاح في المشاهد التي لا يحتاج إلى الحرب فيه مكروه؛ لما يخشى فيها من الأذى والعقر عند تزاحم الناس. وقد قال -صلى الله عليه وسلم- للذي رآه يحمله:"أمسكْ بنصالِها لا تعقرنّ بها مسلمًا" فإن خافوا عدوًا فمباح حملها كما قال الحسن. وقد أباح الله تعالى حمل السلاح في الصلاة عند الخوف.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر الحجاج مرّ منهم زكرياء بن يحيى أبو السكين في الثالث عشر من "الوضوء"، ومرّ سعيد بن جبير في الخامس من "بدء الوحي"، ومرّ ابن عمر في أول "الإيمان" قبل ذكر حديث منه، ومرّ الحجاج بن يوسف في السابع والثلاثين من "مواقيت الصلاة"، ومرّ عبد الرحمن بن محمد المحاربي في الثامن والثلاثين من "العلم" والباقي محمد بن سوقة الغنوي أبو بكر الكوفي العابد. قال محمد بن عبيد: سمعت الثوري يقول حدثني الرضى محمد بن سوقة قال: ولم أسمعه يقول ذلك لعربي ولا لمولى.
وقال الثوري: أخرج إليكم كتاب خير رجل بالكوفة، فأخرج كتاب محمد بن سوقة وقال طلحة بن مصرف ما بالكوفة رجلان يزيدان على محمد بن سوقة وعبد الجباربن وائل بن حُجْر، وقال ابن عيينة كان بالكوفة ثلاثة لو قيل لأحدهم إنك تموت غدًا ما كان يقدر أن يزيد في عمله محمد بن سوقة وعمرو بن قيس الملائي وأبو حبان التيمي. قال: وكان محمد بن سوقة لا يحسن أن يعصي الله.
وقال العجلي كوفي ثبت، وكان خزازًا جمع من الخز مائة ألف ثم أتى مكة فقال: ما اجتمعت هذه لخير فتصدق بها، وكان صاحب سنة وعبادة وخير كثير في عداد الشيوخ وليس بكثير الحديث.
وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال النسائي: ثقة مرضي وذكره ابن حبان في "الثقات".