ثم قال: وتابعه ليث بن أبي سليم، أي تابع مالكا في وقفه، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن نافع موقوفًا على ابن عمر.
ومعنى قوله: ولا تنتقب، أي: لا تستر وجهها، واختلف العلماء في ذلك فمنعه الجمهور، وأجازه الحنفية، وهو رواية عند الشافعية والمالكية ولم يختلفوا في منعها من ستر وجهها وكفيها مما سوى النقاب والقفاز، وقد مرَّ قريبًا الكلام على هذا عن الحديث مستوفى.
ومتابعة ليث هذه لم أر من أخرجها وليث هو ابن أبي سليم بن زنيم القرشي، مولاهم أبو بكر الكوفي، واسم أبي سليم أيمن، وقيل: أنس، وقيل زياد، وقيل عيسى، قال فضيل بن عياض: كان ليث أعلم أهل الكوفة، وقال ابن عدي له أحاديث صالحة، وقد روى عنه شعبة والثوري ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه. وقال الدارقطني: صاحب سنة يكتب حديثه، وإنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد. وقال ابن سعد: كان رجلًا صالحًا عابدًا، وكان ضعيفًا في الحديث كان يسأل عطاء ومجاهدًا وطاوسًا عن الشيء فيختلفون فيه، فيروي أنهم اتفقوا من غير تعمد. وقال البزار: كان أحد العباد إلاَّ أنه أصابه اختلاط فاضطرب حديثه، وإنما تكلم فيه أهل العلم من هذا، وإلاَّ فلا نعلم أحدًا ترك حديثه. وقال عيسى ابن يونس: قد اختلط، وكان يصعد المنارة عند إرتفاع النهار فيؤذن، وقال عثمان بن أبي شيبة: صدوق، ولكن ليس بحجة. وقال الساجي: صدوق فيه ضعف، كان سيىء الحفظ كثير الغلط، كان يحيى القطان بآخره لا يحدث عنه. وقال ابن معين: منكر الحديث، وكان صاحب سنة روى عن الناس إلى غير هذا من التضعيف، علق عنه البخاري قليلًا، روى عن طاوس وعطاء ومجاهد ونافع وخلق، وروى عنه الثوري، وشعبة والحسن بن صالح، وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، مات سنة ثمان أو ثلاث وأربعين ومائة.
هذا الحديث قد مرَّ الكلام عليه مستوفى في باب الكفن في ثوبين من كتاب الجنائز.
[رجاله ستة]
قد مرّوا: وفيه لفظ رجل محرم، مرَّ قتيبة في الحادي والعشرين من الإيمان، ومرَّ جرير ومنصور في الثاني عشر من العلم، ومرَّ الحكم بن عتيبة في الثامن والخمسين منه، ومرَّ سعيد بن جبير وابن عباس في الخامس من بدء الوحي، والرجل المحرم الذي وقصته ناقته، قال: في "الفتح" لم أقف على من سماه ووهم من زعم أن اسمه واقد بن عبد الله، لقول ابن قتيبة