للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبين وجه الدلالة، وكأنه لما رأى عروة راوي الخبر بخلافه حمله على أنه اطلع على ناسخه وكيف تصح دعوى النسخ وأُم الفضل تقول: إن آخر صلاة صلاّها بهم قرأ بالمرسلات؟ قال ابن خزيمة في صحيحه: هذا من الاختلاف المباح فجائز للمصلي أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب إلا أنه إذا كان إمامًا استحب له أن يخفف في القراءة كما مرَّ، وهذا أولى من قول القرطبي ما ورد في مسلم وغيره من تطويل القراءة فيما استقر عليه التقصير أو عكسه، فهو متروك. واستدل ابن العربي باختلافها على عدم مشروعية سورة معينة في صلاة معينة. قال في "الفتح": وهو واضح فيما اختلف لا فيما لم يختلف كتنزيل وهل أتى في صلاة صبح الجمعة.

قلت: هذا التقييد موافق لمذهبه ومن لم يقل بهذا كالمالكية الذين ابن العربي واحدٌ منهم لم يسلم هذا التقييد وادعى الطحاوي أنه لا دلالة في شيء من الأحاديث الثلاثة على تطويل القراءة لاحتمال أن يكون المراد أنه قرأ بعض السورة، ثم استدل لذلك بما رواه عن هشيم عن الزهري في حديث جبير بلفظ: سمعته يقول: إن عذاب ربك لواقع قال: فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة هي هذه الآية خاصة وليس في السياق ما يقتضي قوله خاصة مع كون رواية هشيم عن الزهري بخصوصها مضعفة بل جاء في روايات أُخرى ما يدل على أنه قرأ السورة كلها، فعند البخاري في التفسير سمعته يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} الآيات، إلى قوله: {الْمُصَيْطِرُونَ} كاد قلبي يطير. ونحوه لقاسم بن أصبغ وفي رواية أُسامة بن زيد ومحمد بن عمرو الآتيتين "في الباب" الذي بعده سمعته يقرأ: والطور وكتاب مسطور، ومثله لابن سعد في أخرى ثم استمعت قراءته حتى خرجت من المسجد ثم ادعى الطحاوي أن الاحتمال المذكور يأتي في حديث زيد بن ثابت وكذا أبداه الخطابي احتمالًا، وفيه نظر لأنه لو كان قرأ بشيء منها يكون قدر سورة من قصار المفصل لما كان لإنكار زيد معنى.

وقد روى حديث زيد هشام بن عروة عن أبيه عنه أنه قال لمروان: إنك لتخف القراءة في الركعتين من المغرب فوالله لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ فيها بسورة الأعراف في الركعتين جميعًا أخرجه ابن خزيمة، واختلف على هشام في صحابيه والمعروف عن عروة أنه زيد بن ثابت وقال أكثر الرواة عن هشام عن زيد بن ثابت أو أبي أيوب وقيل: عن عائشة. أخرجه النَّسائيّ مقتصرًا على المتن دون القصة.

[رجاله ستة]

قد مرّوا، مرّ أبو عاصم في أثر بعد باب القراءة والعرض على المحدث، ومرّ ابن جريج في الثالث من الحيض، ومرّ ابن أي مليكة في باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله بعد الأربعين من الإيمان، ومرّ عروة في الثاني من بدء الوحي، ومرّ مروان بن الحكم في الرابع والخمسين من الوضوء ومرّ زيد بن ثابت في تعليق بعد الثاني والعشرين من كتاب الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>