للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة عن الصحابة فيها ما كانوا يقرؤون به من قِصار المفصل منها ما أخرجه الطحاوي عن زرارة بن أوفى قال: أقرأني أبو موسى في كتاب عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما إليه أقرأ في المغرب آخر المفصل وآخر المفصل من لم يكن إلى آخر القرآن، ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي عثمان النهدي قال: صلّى بنا ابن مسعود المغرب فقرأ: قل هو الله أحد فوددت أنه قرأ سورة البقرة من حسن صوته.

وأخرجه أبو داود والبَيْهقيّ أيضًا ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن ابن عباس قال: سمعته يقرأ في المغرب: إذا جاء نصر الله والفتح، ومنها ما أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا عن الحسن قال: كان عمران بن حصين يقرأ في المغرب إذا زلزلت والعاديات، ومنها ما أخرجه عبد الرزاق عن أبي عبد الله الصنابحي أنه صلّى وراء أبي بكر الصديق في المغرب قرأ في الركعتين الأوليين بأُم القرآن وسورتين من قِصار المفصل، ثم قرأ في الثالثة قال: فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته يقرأ بأم القرآن وهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إلى الوهاب. وعن مكحول أن قراءة هذه الآية كانت على سبيل الدعاء، ومرّت أحاديث صحاح من هذا المعنى في باب إذا طول الإِمام وكان للرجل حاجة.

وروى أيضًا نحو هذا عن التابعين روى ابن أبي شيبة في مصنفه أن سعيد بن جبير كان يقرأ في المغرب مرّة بتنبىء أخبارها ومرّة تحدّث أخبارها.

وروي عن الضحاك بن عثمان قال: رأيت عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه يقرأ في المغرب بقصار المفصل، وروي أيضًا عن محل قال: سمعت إبراهيم يقرأ في الركعة الأولى من المغرب لإيلاف قريش. وأخرج البيْهَقيّ في سننه عن هشام بن عروة أن أباه كان يقرأ في المغرب بنحو مما يقرؤون والعاديات ونحوها من السور. فهذه أحاديث وآثار كثيرة تدل على قراءة المفصل دون الطوال، والذي ذكره البخاري هنا في القراءة ثلاثة مختلفة المقادير؛ لأن الأعراف من السبع الطوال، والطور من طوال المفصل، والمرسلات من أوساطه. وفي ابن حِبّان عن ابن عمر أنه قرأ بهم في المغرب بالذين كفروا وصدوا عن سبيل الله. وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه -صلى الله عليه وسلم- كان أحيانًا يطيل القراءة في المغرب. إما لبيان الجواز وإما لعلمه رضا المأمومين وليس في حديث جُبير بن مطعم الآتي قريبًا دليلٌ على أن ذلك تكرر منه.

وأما حديث زيد بن ثابت ففيه اشعار بذلك لكونه أنكر على مروان المواظبة على القراءة بقصار المفصل ولو كان مروان يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- واظب على ذلك لاحتج على زيد، لكن لم يرد زيد منه فيما يظهر المواظبة على القراءة بالطوال، وإنما أراد منه أن يتعاهد ذلك كما رآه من النبي -صلى الله عليه وسلم-. وفي حديث أُم الفضل إشعار بأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في الصحة بأطول من المرسلات لكونه كان في شدة مرضه، وهو مظنة التخفيف، وهو يرد على أبي داود إدعاء نسخ التطويل؛ لأنه روى عقيب حديث زيد بن ثابت عن عروة أنه كان يقرأ في المغرب بالقصار قال: وهذا يدل على نسخ حديث زيد، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>