قوله:"لما رجع من الأحزاب" أي من الموضع الذي كان يقاتل فيه الأحزاب إلى منزله بالمدينة، وغزوة الأحزاب هي غزوة الخندق، وقد أنزل الله فيها سورة الأحزاب، وكانت في شوال سنة خمس من الهجرة كما قال ابن إسحاق، وقيل في شوال سنة أربع كما قال موسى بن عقبة، والجمهور على قول ابن إسحاق.
وسميت بالأحزاب؛ لأن الكفار تألفوا من قبائل العرب وهم عشرة آلاف نفس، وكانوا ثلاثة عساكر وجناح والأمر إلى أبي سفيان، وسميت بغزوة الخندق؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سمع بهم وما جمعوا، ضرب الخندق على المدينة قال ابن هشام: يقال إن الذي أشار به سلمان الفارسي -رضي الله تعالى عنه-.
وقال الطبري والسهيلي إن أول من حفر الخنادق منوجهر بن أيرج وكان في زمن موسى عليه الصلاة والسلام.
وذكر ابن إسحاق "لما انصرفَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عن الخندقِ راجعًا إلى المدينةِ والمسلمونَ قد وضعوا السلاح، فلما كان الظهرُ أتى جبريلُ النبيَّ عليهما الصلاة والسلام فقال له: ما وضعت الملائكة السلاح بعدُ وإنّ الله يأمرُك أن تسيرَ إلى بني قريظة، فإنّي عائدٌ إليهم، فأمر رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بلالًا فأذن في الناس: مَنْ كانَ سامعًا مطيعًا فلا يُصَلِّيَنَّ العصرَ إلا في بني قريظة.
وقال ابن سعد: ثم سار إليهم في ثلاثة آلاف، وكان مع المسلمين ستة وثلاثون فارسًا. وكان ذلك يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة عقيب الخندق.
وقوله: لا يُصَلِّيَنَ أحد العصر" بالنون الثقيلة المؤكدة، وفي رواية التنصيص على العصر، وكذا في رواية الإسماعيلي. وأصحاب "المغازي" متفقون على أنها العصر كما مرّ عن ابن إسحاق.