قوله:"كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون"، زاد ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس: يقولون: نحج بيت الله أفلا يطعمنا.
وقوله:"فإذا قدموا المدينة" في رواية الكشميهني: "مكة" وهو أصوب، وكذا أخرجه أبو نعيم، وروى ابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: كانوا إذا أحرموا ومعهم أزوادهم رموا بها واستأنفوا زادًا آخر، فأنزل الله تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتزودوا الكعك والدقيق والسويق، ثم لما أمرهم بالزاد إلى السفر في الدنيا أمرهم بالزاد للآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها، وأنه خير من هذا وأنفع، قال عطاء الخراساني: في قوله: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} يعني الآخرة، وروى الطبراني عن جرير بن عبد الله، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، قال:"من تزود في الدنيا ينفعه في الآخرة" وفي هذا الحديث من الفقه أنَّ ترك السؤال من التقوى، ويؤيده أن الله مدح من لم يسال الناس إلحافًا، فإن قوله:{فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}، أي: تزودوا وأتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم، والإثم في ذلك.
وفيه أن التوكل لا يكون مع السؤال، وإنما التوكل المحمود أن لا يستعين بأحد في شيء،