محذوف والمراد القمل، وثبت كذلك في بعض الروايات ورواه ابن خزيمة عن روح بلفظ:"رآه وقمله يسقط على وجهه"، وللإسماعيلي عن شبل: رأى قمله يتساقط على وجهه.
وقوله:"فأمره أن يحلق، وهو بالحديبية، ولم يتبين لهم أنهم يحلون" هذه الزيادة ذكرها الراوي لبيان أن الحلق كان استباحة محظور بسبب الأذى، لا لقصد التحلل بالحصر، وهو واضح، قال ابن المنذر: يؤخذ منه أن من كان على رجاء من الوصول إلى البيت أن عليه أن يقيم حتى ييأس من الوصول فيحل، واتفقوا على أن من يئس من الوصول، وجاز له أن يحل فتمادى على إحرامه، ثم أمكنه أن يصل، أنَّ عليه أن يمضي إلى البيت ليتم نسكه، وقال المهلب وغيره ما معناه: يستفاد من قوله: "ولم يتبين لهم أنهم يحلون" أن المرأة التي تعرف أوان حيضتها والمريض الذي يعرف أوان حُمَّاه بالعادة فيهما، إذا أفطرا في رمضان مثلا في أول النهار ثم ينكشف الأمر بالحيض والحمى في ذلك النهار أن عليهما قضاء ذلك اليوم، لأن الذي كان في علم الله أنهم يحلون بالحديبية لم يسقط عن كعب الكفارة التي وجبت عليه بالحلق، أن ينكشف الأمر لهم، وذلك لأنه يجوز أن يتخلف ما عرفاه بالعادة، فيجب القضاء عليهما لذلك.
وقوله:"فأنزل الله الفدية" قال عياض: ظاهره أن النزول بعد الحكم وفي رواية عبد الله بن معقل أن النزول قبل الحكم قال: فيحتمل أن يكون حكم عليه بالكفارة بوحي لا يتلى، ثم أنزل الله القرآن ببيان ذلك، وهو يؤيد الجمع المتقدم.
[رجاله سبعة]
قد مرّوا: مرَّ إسحاق بن منصور في الخامس والثلاثين من الإيمان، ومرَّ روح بن عبادة في الأربعين منه، ومرَّ شبل في السابع من المحصر هذا، ومرَّ ابن أبي نجيح في الرابع عشر من العلم، ومرَّ مجاهد أول الإيمان، ومرَّ عبد الرحمن بن أبي ليلى في الثالث والتسعين من صفة الصلاة، ومرَّ كعب في التاسع قريبًا.
ثم قال: وعن محمد بن يوسف، حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رآه، وقمله يسقط على وجهه.
الظاهر أنه عطف على حدثنا روح، فيكون إسحاق قد رواه عن روح بإسناده، وعن محمد بن يوسف الفريابي بإسناده، وكذا هو في تفسير إسحاق، ويحتمل أن تكون العنعنة للبخاري، فيكون أورده عن شيخه الفريابي بالعنعنة، كما يروى تارة بالتحديث، وبلفظ قال، وغير ذلك، وعلى هذا فيكون شبيهًا بالتعليق، وقد أورده الإسماعيلي وأبو نعيم عن محمد بن يوسف الفريابي، ولفظه مثل سياق روح في أكثره، وكذا هو في تفسير الفريابي بهذا الإِسناد.