قوله:"جاء رجل" لم يعرف، ويحتمل أنه أبو ذَرٍّ لما في مسند أحمد عنه أنه سأل: أي الصدقة أفضل؟ لكن في الجواب جهد من مقل أو سؤال فقير، وكذا روى الطبرانيّ عن أبي أمامة، أن أبا ذَرٍّ سأل فأُجيب. ويأتي في السند محل تعريفه. وقوله:"أي الصدقة أعظم أجرًا؟ " وفي الوصايا: أي الصدقة أفضل؟ وقوله:"أنْ تَصَّدَّقَ" بتشديد الصاد، وأصله تتصدق، فأُدغمت إحدى التاءين في الصاد بعد إبدالها صادًا، وبتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين.
وقوله:"وأنت صحيح شحيح" في الوصايا: "وأنت صحيح حريص". قال صاحب المنتهى: الشح بخلٌ مع حِرص. وقال صاحب المحكم: الشُّح مثلث الشين، والضم أعلى. وقال صاحب الجامع: الفتح في المصدر، والضم في الاسم. وقال الخطابيّ فيه: إن المرض يقصر يد المالك عن بعض ملكه، وإن سخاوته بالمال في مرضه لا تمحو عنه شيحة البخل، فلذلك شَرَط صحة البدن في الشح بالمال؛ لأنه في الحالتين يجد للمال وقعًا في قلبه، لما يأمل من البقاء، فيحذر معه الفقر. قال ابن بطّال وغيره: لما كان الشح غالبًا في الصحة، فالسماح فيه أصدق في النية، وأعظم للأجر، بخلاف مَنْ فيض من الحياة، ورأى مصدر المال لغيره.
وقوله:"تأمُل الغنى" بضم الميم، أي: تطمع. وقوله:"ولا تمهلْ" بالإسكان على أنه نهى، وبالرفع على أنه نقى. وتجوز النصب. وقوله:"إذا بلغت" أي: الروح، والمراد قاربت بلوغه، أذ لو بلغت حقيقة لم يصح شيء من تصرفاته، ولم يجد للروح ذكر استغناءًا بدلالة السياق، والحلقوم مجرى النَّفَس. وقوله:"قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان" الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال، وقال الخطابي: فلان الأول والثاني الموصى له، وفلان الأخير الوارث؛ لأنه إن شاء أبطله، وإن شاء أجازه.
وقال غيره: يحتمل أن يكون المراد بالجميع من يوصي له، وإنما أدخل "كان" في الثالث إشارة إلى تقدير القدر له بذلك، وقال الكرمانيّ: يحتمل أن يكون الأول الوارث، والثاني الموروث، والثالث الموصى له. ويحتمل أن يكون بعضها وصية، وبعضها إقرارًا. وعند الإسماعيليّ: قلت: اصنعوا لفلان كذا، وتصدقوا بكذا. وفي حديث بُسر بن جِحاش، بضم الباء في الابن وكسر الجيم