قال بعض المحققين: مَنْ لم يكن له من هذا العلم شيء أخشى عليه سوء الخاتمة. أعاذنا الله تعالى منه، وأدنى النصيب منه التصديق به، وتسليمه لأهله، والله تعالى أعلم.
ومن العلم الشرعيّ ما هو آلة له، كعلم النحو واللغة والبيان، وغريب الكتاب والسنة وأصول الفقه. ولكنّ هذا فرض كفاية لا عَيْن. والأحاديث الواردة في فضل العلم كثيرة، منها ما أخرجه أبو داود والتِّرمِذِي وابن ماجه وابن حبّان في صحيحه عن أبي الدرداء، رضي الله تعالى عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: "من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لَتَضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما صنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء. وفضل العالِم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُوَرُثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما وَرَّثُوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
وأخرج مسلم أوله إلى "إلى الجنة". وأخرج البخاريُّ طرفا منه. وسيأتي إن شاء الله تعالى، الكلامُ عليه في محله. وقد جلينا كثيرًا من أحاديث فضل العلم في كتابنا "مُشْتَهى الخارِف"، فلينظرها من أراد الوقوف على ذلك. ثم قال المصنف:
باب من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتم الحديث ثم أجاب السائل
باب خبرُ مبتدأٍ محذوف، أي: هذا باب وهو مضاف إلى من الموصولة. ويأتي عند آخر الحديث انكلام على مُحَصَّل ما في هذا الباب.